18:10 | 23 يوليو 2019

حين يضيق الصوت وتتسع الروح

4:49pm 05/12/25
صوره ارشيفيه
نشأت البسيوني

حين يضيق الصوت وتتسع الروح ويكبر الصمت جوه الانسان لدرجة يخلي الكلام نفسه يحس انه عبء وان الشرح محاولة مرهقه وان الاعتذار شيء مبقاش ليه معنى وان الدفاع عن النفس بقى مجهود ملهوش لازمة ساعتها يبدأ الانسان يفتش عن لغة تانية لغة اهدى واعمق واكثر صدقا من الحروف لغة تطلع من جوه القلب من اماكن محدش وصلها قبل كده وتتحرك في دواخله زي موج 

 

بطيء يشيل الوجع وما يرجعوش كتير من اللي بيحصل جوانا مش محتاج صوت اصلا محتاج بس مساحة يتنفس فيها الواحد براحته يتعب فيها براحته يوجع فيها براحته من غير ما حد يسأل ومن غير ما حد يحكم ومن غير ما حد يقرب اكثر من اللازم لان قرب الناس ساعات مش دايما رحمه وساعات يكون الضغط اللي بيكسر روحه من غير ما ياخدوا بالهم ومع الوقت يتعلم الانسان ان الصمت 

 

اللي جوه مش انسحاب ولا ضعف ولا هروب لكنه نهاية مرحلة من الشرح وبداية مرحلة من الفهم مرحلة يعرف فيها ان اللي مش حاسس به مهما شرحله مش هيفهم واللي مش شايف قيمته مهما قربله مش هيشوف واللي مش صادق معاه مهما اداله من روحه مش هيصدق ويبتدي يعرف ان البعد مش دايما فقدان وان القرب مش دايما امان وان بعض الناس وجودهم بيكتم النفس وغيابهم 

 

بيحرره وان علاقات كتير كانت مجرد ضوء مغشوش بيخدع القلب ويعلق الروح في حبال وهم مش اكتر ولما تتسع الروح من جواها تبطل تدور على اللي يسمعها وتدور على اللي يفهمها من اول كلمه لأنها بتفهم ان الفهم مش عند كل الناس وان اللي يقدر يشيل تعبك مش محتاج شرح واللي ياخد ايدك وانت واقع مش محتاج تطلب واللي يحس بنبضك وانت ساكت ده هو اللي يستحق تبقى جنبه 

 

وتكمل معاه لان العلاقات اللي تبدأ بنص اهتمام وتنتهي بنص كلمه مش علاقات ده مجرد مرور ناس ملهومش مكان حقيقي في حياتك ولا في قلبك وكم من مره افتكرنا حد هو الضهر وهو كان الحمل وافتكرنا حد هو الامل وهو كان السبب وافتكرنا حد هو الامان وهو كان الوجع ولما خرجوا اتغيرت الرؤية بقت اوسع واعمق واتعلمنا منهم ومن غيابهم اللي مكانش باين واحنا معاهم 

 

واتعلمنا ان اللي ربنا بيشيله من طريقك مش خسارة وان اللي يبعده عنك مش نقص وان اللي ما يكملش معاك مش جزء ناقص منك بالعكس يمكن كان عبء وانت مش واخد بالك ويمكن ربنا بينضف الطريق عشان حاجة اجمل جايه بس لازم الاول تفضى المساحة اللي جوه قلبك وتدي نفسك فرصة تتنفس بعد ما كان النفس مخنوق ومع كل سقوط افتكرنا انه نهايه وبعدين عرفنا انه بدايه 

 

ومع كل وجع افتكرنا انه عقاب وبعدين عرفنا انه اصلاح ومع كل بعد افتكرنا انه فقد وبعدين عرفنا انه حفظ ومع كل دمعة افتكرنا انها كسرتنا وبعدين عرفنا انها علمتنا ومع كل لحظه تعب افتكرنا ان الروح مش هتكمل وبعدين عرفنا انها اقوى مما كنا نتصور الروح دايما اقوى رغم الهشة اللي فيها رغم الشروخ رغم الكسور رغم اللي ضاع واللي اتكسر واللي وقع الروح بتعرف تقوم حتى لو اتأخرت 

 

حتى لو وقفت كتير حتى لو مشيت ببطء بس بتقوم والواحد يكتشف انه مش محتاج ضجيج ناس حواليه قد ما هو محتاج انسان واحد صادق يحس به من غير ما يتكلم يسمعه من غير ما يحكي يشوفه من غير ما يمثل ويمد ايده من غير ما يستنى مقابل ويكون حضنه مش مكان للضعف لكن مكان يرجع فيه الانسان انسان بعد ما ضاع في زحمة الايام وبعد ما تعب من قوة مزيفه 

 

كان بيحاول يعيش بيها عشان ما يبقاش عبء على حد ويكبر الانسان من جواه لدرجة يسيب اللي يسيبه ويمشي من غير ما ينهار ويرجع يوقف نفسه من غير سند وياخد روحه في حضنه من غير ما يستنى حد يعيد ترتيبها ويعرف ان اللي اتاخد منه مش دايما خسارة وان اللي اتأخر عنه مش دايما شر وان اللي بيوجعه النهارده يمكن هو اللي هيقويه بكرا وان ربنا ما بياخدش حاجة الا لو بيجهز 

 

مكانها حاجة انضف واهدأ واحن وابقى ولما يوصل لآخر الحكاية يفتكر ان النهاية مش معنى انهيار النهاية ساعات تبقى نقطة بداية لحاجة اجمل لحياة اصدق لقلب اطهر لنفس ارتب لروح اوسع واخف واعمق وان اللي عاشه قبل كده كان مجرد فصل من كتاب كبير ولسه الفصول الجاية هتكشف له سبب كل الوجع وكل الصبر وكل الوحدة وكل الدعوات اللي قالها وهو مش قادر يرفع راسه 

 

ولسه ما جاش وقت استجابتها ويستمر الانسان يمشي في طريق طويل ملهوش نهايه واضحه طريق يتبدل فيه الليل مع النهار ويتبدل فيه التعب مع الامل ويتبدل فيه الوجع مع القوه وكل خطوه ياخدها يفتكر انه نجى من اللي كان هيكسره نجى من اللي ما يشبههوش نجى من اللي كان هيضيع روحه نجى من اللي كان هيطفي نوره ويعرف جوا نفسه انه في كل مره ضاق فيها صوته 

 

كانت روحه بتتسع اكتر كانت تنضج اكتر كانت تتعلم اكتر كانت تستعد لحياة تليق بيه بصدق قلبه بنقاء نيته بثقل وجعه وبجماله اللي محدش شافه غير ربنا ويفضل ماشي لحد آخر لحظه في عمره يدور على ذاته جوا ذاته يدور على صدقه وسط ضجيج العالم يدور على هدوء يعرفه وايد تشيله وحضن يفهمه وطريق يشبهه وكل ما يلاقي نفسه يتوه يرجع لربنا لان ربنا هو النقطة اللي منها بتبدأ 

 

الروح وهي النقطة اللي ليها بترجع وهي المكان الوحيد اللي فيه الراحة الحقيقيه اللي لا كلمة تديها ولا بشر يعوضها ولا الدنيا تساويها ولما يقف في نهاية الطريق يعرف انه مش محتاج نهاية سعيدة بقدر ما هو محتاج نهاية صادقة نهاية يبص فيها لنفسه ويقول لقد نجوت لقد تغيرت لقد صرت اقرب لحقيقتي لقد كنت وحدي لكني ما كنتش ضعيف لقد كنت موجوع لكني ما انكسرتش 

 

لقد كنت تايه لكني رجعت لنفسي وهذه وحدها تكفي لتكون نهاية مرحلة وبداية ألف غيرها بداية حياة تشبهه من جواه

 

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum