العنف ضد النساء والفتيات ذوات الإعاقة مشكلة صامتة تتطلب الإدماج والكرامة
يشكل العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء والفتيات ذوات الإعاقة أزمة عالمية لا تحظى بالاهتمام الكافي وتتطلب منا وقفة جادة وإجراءات حاسمة إن هذه الفئة من النساء والفتيات أكثر عرضة للعنف بمرتين إلى ثلاث مرات مقارنة بغيرهن وغالبا ما يتخذ هذا العنف أشكالا يومية وغير مرئية تتخفى في ثوب الرعاية أو السيطرة
العنف الذي يواجهنه لا يقتصر على الاعتداءات الجسدية والجنسية الواضحة بل يتسع ليشمل أنماطا من الإساءة التي تستغل ضعف موقعهن واعتمادهن المحتمل على الآخرين وتشمل هذه الأشكال السيطرة اليومية حيث تصبح الرعاية وسيلة للسيطرة مما يحولها إلى عنف نفسي وعاطفي ويتجلى العنف في الإهمال البدني والحرمان من الرعاية الأساسية والعزل الاجتماعي ما يفاقم شعورهن بالعجز والوحدة ويعد حجب الأجهزة المساعدة نوعا من العنف الذي يعيق حريتهن واستقلاليتهن ويعرضهن للخطر كما يواجهن مخاطر أكبر بكثير للتعرض لعنف الشريك والعنف الجنسي والنفسي هذه الأفعال سواء كانت مقصودة أو ناتجة عن إهمال تجرد المرأة من كرامتها وحقها في تقرير المصير عندما تُمارس الرعاية كوسيلة للتحكم فإنها تتخطى حدود المساعدة لتصبح إساءة معاملة صريحة
يُعد العنف ضد النساء والفتيات ذوات الإعاقة مشكلة صحية مُهمَلة بامتياز فبالإضافة إلى العنف نفسه يواجهن صعوبات مضاعفة في الوصول إلى الخدمات الصحية اللازمة للتعافي والدعم ومن أبرز هذه العوائق يفتقر العاملون في مجال الرعاية الصحية في كثير من الأحيان إلى المعرفة اللازمة للتعامل مع احتياجاتهن وتسيطر عليهم المواقف السلبية وممارسات التمييز كما تعاني المرافق والمعلومات الصحية من تعذُّر الوصول المادي أو المعلوماتي مما يحول دون حصولهن على الفحوصات والخدمات وهناك نقص واضح في جمع البيانات وتحليلها المتعلقة بالإعاقة والعنف مما يجعل حجم المشكلة غير مرئي تقريبا للمخططين وصانعي السياسات إن الحق في الصحة يشمل الحق في الحصول على الخدمات التي تعالج هذه العوائق بفعالية
لفتح الباب أمام الكرامة والمساواة والإدماج يجب علينا اتخاذ خطوات عملية متعددة المستويات يجب زيادة الوعي العام وتدريب المتخصصين للتعرف على إساءة المعاملة بأشكالها المستترة وخاصة الأشكال المتعلقة بالسيطرة والإهمال وحجب الموارد كما يجب ضمان أن تكون الخدمات المتاحة للناجيات من العنف متاحة وميسرة وشاملة للاحتياجات الخاصة بالإعاقة ويجب تطوير أدوات ومنهجيات لـ جمع بيانات أفضل ومفصلة عن الإعاقة وربطها بالعنف لتحليل حجم المشكلة وتقديم أدلة لتدخلات فعالة وأخيرا يجب دعم وتمكين أصوات النساء والفتيات ذوات الإعاقة وضمان مشاركتهن الكاملة والهادفة في تصميم وتنفيذ وتقييم البرامج والسياسات التي تؤثر عليهن إن الإدماج والكرامة ليسا امتيازا بل حقوق أساسية لا يمكن التنازل عنها لا يمكننا المضي قدما في تحقيق المساواة الحقيقية إلا بإنهاء هذا العنف الصامت والعمل من أجل مجتمع يحترم ويحتضن الجميع



















