استوديو يصارع النيران والدخان يغطي سماء الجيزة
لم تكن الساعات الأولى من مساء اليوم عادية على الإطلاق بالنسبة للعاملين داخل أحد أشهر مواقع التصوير في منطقة الهرم ولا لسكان الشوارع المحيطة الذين وجدوا أنفسهم فجأة أمام حالة طوارئ حقيقية بعدما اندلع حريق ضخم داخل موقع تصوير كبير بشكل سريع ومفاجئ جعل الدخان يتصاعد في السماء مثل سحابة سوداء كثيفة غطت أجزاء واسعة من الجيزة وامتد أثرها لمسافات
يمكن رؤيتها من عشرات الكيلومترات وبرغم التحرك السريع لقوات الحماية المدنية فور تلقي البلاغ إلا أن حجم النيران واتساع مساحة المواد المشتعلة داخل المكان جعلا السيطرة على الحريق أكثر صعوبة مما توقعه أي شخص خصوصا مع وجود ديكورات خشبية كبيرة ومكونات جاهزة للتصوير كانت تعد خلال الأيام المقبلة ما جعل الموقع يتحول في دقائق إلى كتلة لهب هائلة لا يمكن التعامل
معها بطرق بسيطة وتشير المعلومات الأولية إلى أن الشرارة الأولى اندلعت داخل ديكور كان فريق فني يعمل على ترتيبه استعدادا لتصوير مشاهد جديدة وهو ديكور يحتوي على خشب وإضاءة وأسلاك كهربائية ومواد قابلة للاشتعال وحسب شهادات العاملين فإن أي خطأ بسيط أو ماس كهربائي في مثل هذه الظروف قادر على إشعال كارثة في ثوان قليلة وهذا ما حدث بالفعل فاللهب تمدد
بسرعة غير طبيعية جعلت أصوات الانهيارات داخل المكان تبدو كأنها انفجارات صغيرة نتيجة سقوط أجزاء من الديكور واحتراق مواد لم يتوقع أحد أنها ستشتعل بهذه الحدة ومع سرعة انتشار النيران اضطر العاملون الذين كانوا بالموقع إلى ترك كل شيء والخروج في لحظات خوف شديدة بعضهم حاول إنقاذ معدات شخصية وبعضهم الآخر حاول التعامل مع بدايات اللهب لكنها كانت
أسرع من أي محاولة فردية مما دفع الجميع إلى الانسحاب وترك المواجهة لفرق الإطفاء التي وصلت في دقائق قليلة لكنها واجهت وضعا معقدا للغاية لأن النيران كانت تمتد من ممر إلى آخر ومن غرفة لأخرى بسبب الترابط البنائي للديكورات قوات الحماية المدنية دفعت بعدد كبير من سيارات الإطفاء وتم توزيعها على أكثر من محور لمحاصرة النيران وقطع مسارات انتشارها وفي أثناء
محاولات السيطرة شوهدت سيارات إسعاف تقف في مناطق قريبة تحسبا لأي حالات اختناق أو إصابات بين العاملين أو السكان الذين خرج عدد كبير منهم إلى الشوارع في محاولة للابتعاد عن الدخان الكثيف الذي ملأ الهواء بشكل خانق جعل الرؤية صعبة والتنفس أكثر صعوبة وبدأت المخاوف تتصاعد بين الأهالي الذين خشوا أن تمتد النيران إلى العمارات المجاورة خصوصًا أن الرياح ساعدت على
تحريك الدخان بشكل واسع في الأجواء ما خلق حالة قلق عامة استمرت لفترة طويلة وفي الوقت ذاته باشرت الأجهزة الأمنية فتح تحقيق موسع لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء الحريق وما إذا كان ناتجا عن ماس كهربائي أو إهمال في اشتراطات السلامة أو وجود خلل في تجهيزات الإضاءة أو الأسلاك ولم تستبعد المصادر وجود مواد مستخدمة في التصوير مثل الدهانات وبعض الكائنات
الخشبية التي قد تكون ساهمت في زيادة سرعة اشتعال المنطقة وبدأت عملية حصر الخسائر التي تشير التقديرات الأولية إلى أنها كبيرة وتشمل ديكورات كاملة ومعدات تصوير وملابس وإكسسوارات فنية وربما أجزاء من المباني نفسها التي تأثرت من شدة الحرارة وانتشار اللهب في اتجاهات متعددة الصدمة لم تكن فقط في حجم النيران بل في الرمزية التي يحملها الموقع بالنسبة
لصناعة السينما والدراما لأن هذه المواقع تمثل شرايين أساسية للعمل الفني وهي مستودعات ذاكرة تمتد لسنوات طويلة وقد شهدت أعمالا كثيرة ورحيل جزء منها بالنيران يترك أثرا نفسيا مؤلما لدى العاملين في المجال ويعيد إلى الواجهة ضرورة إعادة النظر في إجراءات الأمان داخل مواقع التصوير الكبرى لأن أي تهاون مهما كان بسيطا يمكن أن يتحول إلى كارثة ضخمة لا يمكن
احتواؤها بسهولة أما سكان المناطق المحيطة فقد عاشوا ساعات من القلق والترقب منهم من صعد للأسطح لمتابعة المشهد ومنهم من غادر منزله خوفاً من انتشار النيران ومنهم من اكتفى بالوقوف في الشرفات يبحث عن أي إشارة تطمئنه أن الوضع تحت السيطرة ووسط هذا كله كان رجال الإطفاء يعملون بجهد مستمر محاولين تبريد المناطق التي تم السيطرة عليها لضمان عدم اشتعالها مرة
أخرى بينما تنتظر الجهات المختصة انتهاء عمليات الإطفاء بالكامل لإعلان بيان رسمي مفصل يشرح أسباب الحريق وحجم الأضرار والإجراءات التي ستتخذ مستقبلاً لمنع تكرار الحادث الحريق الذي اندلع اليوم لم يكن مجرد اشتعال داخل موقع تصوير بل كان حدثا أعاد إلى الواجهة أهمية تأمين المواقع الفنية وتشديد الرقابة على كل تجهيزاتها لحماية العاملين والممتلكات والذاكرة الفنية الكبيرة
التي تحملها تلك الأماكن لأن لحظة واحدة تكفي لتحويل موقع كامل إلى رماد بينما تبقى الأسئلة معلقة في الهواء حول كيفية حماية هذه المؤسسات المهمة التي تشكل جزءًا من تاريخ وثقافة البلد والوسط الفني ينتظر الآن ما ستسفر عنه التحقيقات وما إذا كان هذا الحادث سيقود إلى قرارات جديدة تعيد ضبط قواعد السلامة داخل مواقع التصوير لضمان أن لا يتكرر مشهد كهذا مرة أخرى



















