حكاية الأصوات التي لا تنام
الأصوات لا تعرف النوم لا تعرف الهدوء ولا تعرف حدودا لكل شيء في هذا العالم الأصوات تسري في الشوارع بين البيوت بين الزوايا بين القلوب تتحرك بلا توقف تحمل معاني لم نكن نلتفت لها تحمل رسائل من الماضي من الحاضر من المستقبل تحمل ضحكات دموع همسات صرخات صمت تتسلل بين الجدران بين الأشجار بين البحر والسماء بين كل شيء نعتقد انه ساكن لكنها لا تهدأ الأصوات تعلمنا
أن العالم ليس كما نراه أن كل شيء يحدث من حولنا يترك صدى في داخلنا حتى لو لم نلاحظ ذلك الأصوات تبقى معك حين تنام حين تستيقظ حين تمشي في الطريق حين تقف في مكانك الأصوات تعرف أسرارك تعرف خوفك تعرف فرحك تعرف كل ما تحاول اخفاؤه من نفسك ومن الآخرين تتحدث إليك دون كلمات تحمل ذكريات تختبئ في الزوايا القديمة تحمل أحلاما لم تتحقق
تحمل حكايات لم يكتب لها وقت تحمل نداءات صامتة تنتظر أن يسمعها أحد حين تستمع للأصوات التي لا تنام تدرك أن العالم ليس مجرد صور وأشياء تتحرك بل هو نبض مستمر وموجة لا تهدأ أن كل ضحكة دمعة صمت كلمة تركت أثرها في المكان الذي مررت به وأن كل شيء حولك يحكي قصة لم تحك بعد أو قصة نسيت تفاصيلها الأصوات تصنع لك كتابا داخليا مليئا بالملاحظات التي لم
تكتبها وعبرات لم تصرح بها وأفكار لم تعلن عنها كلها تصعد من الأعماق لتخبرك أن لا شيء يمر بلا أثر أن كل شيء تفعله كل مكان تزوره كل إنسان تلتقيه يترك لك جزءا من نفسه في قلبك وروحك الأصوات لا تنام لأنها تحمل ذاكرة العالم كلها وهي صادقة بلا تزيف بلا صمت مصطنع بلا توقف كل ما يحدث فينا وحولنا تختلط في نسيج من الأصوات التي لا تتوقف حتى حين يهدأ العالم ويصبح
ساكنا يسمع القلب يسمع الشجرة يسمع الشارع يسمع البحر يسمع السماء يسمع كل شيء وفي كل لحظة تدرك أنك جزء من هذه الأصوات وأن حياتك مجرد طبقة واحدة من آلاف الطبقات التي تتشابك وتتداخل وتنتقل من جيل إلى آخر من لحظة إلى أخرى من قلب إلى قلب الأصوات تعلمك أن لا تنسى أن تعيش وأن لا تغلق قلبك على صمت وهمي وأن تسمع ما لا يقوله الآخرون وأن تفهم ما
لا يظهر للأعين وأن تشعر بما لا يكتب في الصحف ولا يقال في الكلام المعتاد وأن العالم أكبر من أن يدركه عقل واحد وأن الروح تتوسع حين تسمع الأصوات التي لا تنام الأصوات تعلمنا الصبر تعلمنا أن الحزن والفرح جزء من نفس النغمة أن الوحدة ليست غياب الناس بل غياب الاستماع أن الحب ليس كلمات بل أصوات تصعد من الأعماق أن الخوف ليس إلا صدى لم نواجهه أن القوة
ليست في الصمت بل في القدرة على سماع كل ما يحيط بنا وفهمه وأن الحقيقة ليست ما يظهر بل ما يسمع عندما تكون كل الحواجز مرفوعة وأن الزمن لا يوقف الأصوات لا يغيرها لا ينسينا منها شيء لأنها حكاية مستمرة لكل لحظة قلب مكان روح الأصوات التي لا تنام تعلمنا أن كل زاوية في المدينة تحوي قصة وأن كل نافذة تراقبنا بصمت وأن كل طريق يحمل خطوات أولئك الذين مروا من
هنا قبلنا وأن كل شيء يترك أثره حتى لو لم نشعر به وأن كل لحظة حياتنا تسجل بصوت خافت يتردد في أذناها للأبد وأن الماضي لا يختفي بل يتشابك مع الحاضر ليخلق موسيقى سرية يمكن سماعها لمن يعرف أن يستمع وأن المستقبل ليس مجهولا بل هو امتداد لهذه الأصوات وأن كل اختيار نتخذه وكل خطوة نمشيها هي جزء من سيمفونية أكبر تصنع معنى لحياتنا وأننا حين نصغي للأصوات التي
لا تنام نصغي لأنفسنا وللعالم وللحياة وكل ما لم نقله ولم نفعله وكل ما كنا خائفين منه يخرج في هذه اللحظة ليكون جزءا من فهمنا الجديد للعالم ولأنفسنا أن العالم ليس ساكنا أصواته لا تتوقف وأصداؤها ترافقنا في كل مكان وفي كل وقت تعلمنا أن نكون صادقين مع أنفسنا ومع من حولنا تعلمنا أن ننصت بدون حكم وأن نشعر بدون خوف وأن نحلم بدون قيود وأن نحب بلا شروط وأن
نستمر مهما كان الطريق طويلا أو مظلما الأصوات التي لا تنام هي حكايتنا نحن نحن الذين نمشي في طرقها ونترك فيها بصماتنا ونأخذ منها الدروس ونفهم منها الحياة ونكتشف من خلالها من نكون وما نحن قادرون عليه وكيف نستطيع أن نعيش بعمق وحقيقة وأن نحافظ على لحظاتنا وأن نرسم مساراتنا ونحن نسمع موسيقى العالم السرية التي لا تنتهي الأصوات تعلمنا أن كل نفس
خطوة لحظة تحمل معنى تجربة لقاء وداع بداية نهاية دمعة ضحكة صمت كلمة فكرة شعور مكان زمن ذكرى حكاية سر حلم نداء صدى همسة أصوات الماضي الحاضر والمستقبل متشابكة متداخلة متصلة ممتدة بلا توقف بلا حدود بلا نهاية لكل من يعرف أن يسمع وأن يعي وأن يشعر وأن يعيش في عمق الحياة بكل تفاصيلها وبكل طبقاتها ويمشي في طرقها بلا خوف بلا وجل بلا
شك بلا قيود بلا سقف بلا توقف يتعلم أن الأصوات التي لا تنام هي مرآة للروح ومرآة للعالم ومرآة لكل ما يحدث ولحظاتنا وكل ما نعيشه وكل ما نتخيله وكل ما نأمله وكل ما نخاف منه وكل ما نحبه وكل ما نكرهه وكل شيء موجود فينا ومن حولنا وكل شيء يحدث هو جزء من هذه الحكاية الكبرى ح
كاية الأصوات التي لا تنام


















