تعلّم الجلوس والملاحظة… فليس كل سيّء يحتاج إلى ردة فعلك

في زمنٍ تتسارع فيه ردود الأفعال وتشتعل فيه المواقف بكلمة أو نظرة، أصبح الصمت مهارة نادرة، والهدوء حكمة مفقودة. كثيرون يظنون أن القوة في الرد، وأن الهيبة في الصوت العالي، لكنّ الحُكماء يعلمون أن السيطرة على النفس وقت الغضب هي أعلى درجات القوة، وأن المراقبة الصامتة أبلغ من ألف ردّ.
تعلّم أن تجلس وتلاحظ، فالحياة لا تحتاج منك أن ترد على كل موقف، ولا أن تبرّر كل تصرف، ولا أن تشرح نفسك لكل من أساء فهمك. في أحيان كثيرة، يكون الصمت درعًا يحميك من الدخول في معارك لا تستحق، ويكون الهدوء رسالة بليغة لمن يظن أنك لا تفهم أو لا تشعر.
الجلوس والملاحظة لا تعني الضعف، بل تعني أنك تدرك قيمة وقتك وطاقتك، وتختار أن تضعها في ما يفيدك. الإنسان الذكي لا يستهلك نفسه في الجدال أو الانفعال، بل يدع الأمور تكشف حقيقتها مع الوقت. فكم من شخصٍ ظن أنه انتصر في لحظة انفعال، لكنه خسر احترام الآخرين في لحظة هدوء.
اجعل من الملاحظة أسلوب حياة، تعلّم أن ترى أكثر مما تتكلم، وأن تفهم قبل أن تحكم، فليست كل السيئات تحتاج إلى ردّ فعل، أحيانًا يكفي أن تبتسم وتترك الصمت يقوم بدوره.
إن الصمت في المواقف المزعجة لا يعني الانهزام، بل يعني أنك اخترت السلام الداخلي على حساب الفوضى الخارجية، وأنك أدركت أن نضج الإنسان يُقاس بقدرته على ضبط نفسه لا بقدرته على الرد.
فلنجعل من الهدوء سلوكًا، ومن الصمت حكمة، ومن الملاحظة طريقًا لفهم أعمق للحياة… لأن أجمل ردّ على السوء أحيانًا هو اللامبالاة الراقية.