18:10 | 23 يوليو 2019

عبدالحى عطوان يكتب : حين تنحرف الصحافة… من قضايا المواطن إلى السطحية ووهم التريند !!

1:08pm 23/12/25
عبد الحى عطوان
عبد الحى عطوان

هل ما يحدث عبر بعض المنصات الصحفية فى الآونة الأخيرة طبيعى ؟؟
من الملاحظ تشهد الساحة الإعلامية في الآونة الأخيرة تحولًا مقلقًا في أولويات بعض المنصات الصحفية والمواقع الإخبارية، حيث تراجع الاهتمام الحقيقي بقضايا المواطن وهمومه اليومية لصالح اللهث وراء تريندات سطحية لا تضيف وعيًا ولا تقدم حلولًا، بل تُغرق المشهد في مزيد من العبث والتفاهة.
ما حدث مؤخرًا في واقعة «مسن المترو والفتاة» ليس مجرد خطأ في التناول، بل نموذج صارخ لانزلاق عدد من المنصات الصحفية والمواقع الإخبارية، بما فيها مواقع كبيرة وصحفيون محترمون، إلى مربع السطحية، بدافع السعي وراء أعلى نسب مشاهدة وتفاعل، حتى وإن كان الثمن هو إفراغ المهنة من مضمونها.
ومن المؤكد أن الصحافة لم تُخلق لتكون مرآة للضجيج، ولا منصة لإعادة تدوير الجدل، بل وُجدت لتفكيك القضايا، ووضعها في سياقها الصحيح، والتمييز بين الرأي والخطأ، وبين الخبر والتحريض.غير أن الانسياق وراء «التريند» حوّل بعض التغطيات إلى شكل من أشكال العبث، حيث يُقدَّم الحدث مجردًا من أبعاده القانونية والاجتماعية، ويُترك المجال للأحكام المسبقة، ولثقافة لوم الضحية، والتشهير، وإثارة الغرائز.
الأخطر من ذلك، أن هذا المسار أدى إلى انصراف الصحافة عن دورها الأصيل في الرقابة والمحاسبة عبر التحقيقات الجادة والكاشفة للفساد والتقصير.تحقيقات كانت يومًا ما قادرة على إحداث تغيير حقيقي، أصبح مضمونها اليوم يضيع وسط ضجيج صفحات البلوجرز، ومجموعات مواقع التواصل، و«فرقعة» مدّعي الشهرة، الذين لا يملكون أدوات المهنة ولا مسؤوليتها.
وخلال الآونة الأخيرة انتابنا سباق محموم نحو أعلى نسبة مشاهدة وأسرع انتشار… والمؤسف أن هذا الانزلاق لا يقتصر على منصات هامشية أو صفحات غير مهنية، بل وقع فيه مواقع كبيرة وصحفيون محترمون، ضحّوا بجوهر المهنة لصالح منطق الأرقام، وكأن الصحافة تحولت من سلطة رقابية إلى مجرد أداة لقياس التفاعل.
إن الصحافة التي تتخلى عن عقلها النقدي، وتستبدل التحقيق بالتريند، والمعلومة بالضجيج، تفقد احترامها وتأثيرها، وتتحول من أداة وعي إلى جزء من المشكلة.
المجتمع لا يحتاج إلى مزيد من الإثارة، بل إلى إعلام يطرح الأسئلة الصعبة، ويدافع عن الحق، وينحاز للإنسان لا للمشاهدة.
الخلاصة: فالصحافة، في جوهرها، ليست سباقًا على «اللايك» ولا معركة «مشاهدات»، بل مسؤولية أخلاقية ومهنية، وإذا ضاعت هذه البوصلة، ضاع معها الدور، وتلاشت الحدود بين الإعلام الجاد والعبث المنظم.فالرهان الحقيقي اليوم ليس على عدد المشاهدات، بل على استعادة الدور:
دور التنوير، لا التحريض
دور المحاسبة، لا المجاملة
دور نقل الحقيقة، لا مطاردة الضجيج
فالصحافة إما أن تكون ضمير المجتمع… أو تتحول إلى صدى فارغ لا قيمة له.
والرائ الاخير فى دور الصحافة والتعليق على عبث التريند متروك للقارئ ؟؟
 

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum