18:10 | 23 يوليو 2019

اللحظة التي نتوقف فيها عن شرح انفسنا

12:02pm 23/12/25
صورة أرشيفية
نشأت البسيوني

يصل الانسان في مرحلة ما من حياته الى لحظة هادئة لكنها فاصلة لحظة يتوقف فيها عن شرح نفسه للآخرين لا غضبا ولا تعاليا بل تعبا وفهما بعد سنوات من المحاولة والكلام والتبرير يكتشف ان بعض الناس لا يريدون الفهم وان بعض الاسئلة لم تكن بحثا عن الحقيقة بل عن السيطرة في البدايات كان الانسان يظن ان الوضوح كاف وان النية الطيبة تصل وان الصدق يشفع له لذلك كان يشرح
اكثر مما ينبغي ويدافع عن اختياراته ويبرر قراراته ويكشف دوافعه ظنا منه ان القلوب حين تفهم تهدأ لكن التجربة علمته ان الفهم لا يفرض وان القبول لا ينتزع مع الوقت يتعلم الانسان ان الصمت احيانا اصدق من الكلام وان التوقف عن الشرح لا يعني الهروب بل احترام الذات لان من يريدك ان تشرح نفسك باستمرار لا يراك ندا بل مشروعا للتعديل ومن يطلب منك التفسير في كل مرة لا يمنحك
الثقة من الاساس حين تتوقف عن الشرح يبدأ شيء اخر في الحدوث تتضح العلاقات تسقط الاقنعة ويبتعد من كان قريبا فقط لانك كنت تبرر وتبقى القلة التي تحبك كما انت لا كما تشرح نفسك لهم هذه المرحلة موجعة في بدايتها لكنها من انقى مراحل النضج
التوقف عن الشرح لا يعني انك اخطأت بل يعني انك فهمت ان حياتك ليست قاعة محكمة وان اختياراتك لا تحتاج هيئة محلفين
وان قلبك ليس ملزما بتقديم مستندات تثبت سلامة نواياه يكفيك ان تكون صادقا مع نفسك في هذه اللحظة يصبح الانسان اكثر هدوءا اخف حملا اقل انشغالا برأي الاخرين لا لانه لم يعد يهتم بل لانه ادرك حدود ما يستحق الاهتمام يتعلم ان يترك سوء الفهم دون تصحيح وان يسمح للبعض ان يرحل وهو ثابت في مكانه
التوقف عن الشرح هو بداية علاقة جديدة مع الذات علاقة تقوم
على الثقة لا الدفاع وعلى القبول لا التبرير وعلى السلام لا الصراع وهو ليس خسارة كما يظن البعض بل استعادة لكرامة داخلية ظلت مؤجلة طويلا ومع مرور الوقت يكتشف الانسان ان حاجته للشرح كانت محاولة للنجاة لا ضعفا وان رغبته في ان يفهمه الجميع كانت بحثا عن الامان لا عن الاعتراف لكنه حين وجد هذا الامان في داخله لم يعد محتاجا لاثباته في الخارج وحين ينظر الانسان الى
الوراء يبتسم بهدوء يدرك انه لو توقف عن الشرح مبكرا لوفر على نفسه كثيرا من التعب لكنه ايضا يعرف ان كل مرحلة لها وقتها وان النضج لا يأتي دفعة واحدة بل يتشكل مع كل مرة كنا فيها صادقين اكثر من اللازم مع من لا يستحق وهكذا تصبح اللحظة التي نتوقف فيها عن شرح انفسنا ليست نهاية للتواصل بل بداية لحياة اخف وصدق اعمق وسلام داخلي لا يحتاج الى تفسير ولا ينتظر تصديقا من احد
 

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum