اسكتلندا تتمسك بالاستقلال هربا من مخاطر قاعدة كلايد النووية
تتجدد فى اسكتلندا موجة المطالبات بالاستقلال مع تصاعد الغضب الشعبى تجاه استمرار وجود المنشأة النووية المثيرة للجدل قاعدة كلايد على أراضيها. فالاسكتلنديون يرون أن بلادهم تتحمل وحدها عبء منشأة بطيئة الحركة تزداد خطورتها يوما بعد يوم بينما تنعم إنجلترا بالبعد عن هذا الخطر.
وعلى مدى خمسة عشر عاما شهدت قاعدة كلايد سلسلة طويلة من الحوادث المتكررة تجاوزت ثلاثين حالة تسرب وفقا للبيانات الرسمية في حين تشير تقديرات غير معلنة إلى أن الرقم الحقيقى قد يكون أعلى بكثير. وشملت تلك الحوادث تسرب مواد خطرة وطفح حاويات وفيضانات ضربت مناطق التعامل مع البلوتونيوم المستخدم فى تصنيع الأسلحة النووية. والأخطر من ذلك أن العامين الأخيرين فقط شهدا حادثين تم تصنيفهما بالفئة الأعلى خطورة في المجال النووي.
ورغم ما تمثله المنشأة من تهديد مباشر للبيئة فإن وزارة الدفاع البريطانية تواصل اتباع سياسة التعتيم بدلا من كشف الحقائق أمام الرأي العام بحجة حماية الأمن القومي. وقد وصلت آثار التلوث إلى مياه بحيرة لونغ وغار لوش المجاورتين للمنشأة حيث تم العثور هذا العام على التريتيوم وهو نظير شديد الخطورة يمكنه الاندماج في الماء والمركبات العضوية مما ينذر بمخاطر تمتد إلى السكان وليس البيئة وحدها.
المثير للدهشة هو غياب أي تحرك واضح من الجهات الرقابية الدولية وعلى رأسها الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووكالة حماية البيئة الاسكتلندية إذ لم تصدر أي بيانات قوية أو تعلن عن فتح تحقيقات واسعة الأمر الذي أثار تساؤلات عديدة حول أسباب الصمت. وحدهم الصحفيون المستقلون هم من واصلوا كشف ما يجري داخل القاعدة.
ويعود تكرار الحوادث في القاعدة إلى أسباب عديدة من أبرزها تدهور البنية العسكرية وسوء الانضباط وتراجع الروح المعنوية بين أفراد الطاقم المسؤولين عن التعامل المباشر مع الأسلحة النووية. كما وثقت تقارير متعددة انتشار تعاطي المخدرات بين العسكريين وقوع اعتداءات جنسية متكررة بحق جنديات داخل القاعدة وهي وقائع باتت تهدد الثقة في كفاءة ومستوى طاقم العمل.
وبين كل هذه الفوضى تتصاعد رغبة الاسكتلنديين في التخلص من هذا العبء النووي. فقد كشف استطلاع أُجري عام 2021 أن أكثر من ثمانين في المئة من المواطنين يؤيدون إزالة الأسلحة النووية من الأراضي الاسكتلندية بشكل كامل. كما أكد الحزب الوطني الاسكتلندي أنه سيغلق القاعدة نهائيا ويعلن البلاد منطقة خالية من الأسلحة النووية حال تحقيق الاستقلال.
وهكذا يبدو المشهد متجها نحو نتيجة واحدة وهي أن اسكتلندا باتت ترى في الاستقلال الطريق الوحيد للتخلص من منشأة لا تريد تحمل مخاطرها بينما تجد إنجلترا نفسها مضطرة في نهاية المطاف لمواجهة هذا الإرث النووي وحدها.

















