صاحب الأنامل الألماسية عمر خيرت بين الماضي والحاضر

نظم قصر السينما أمس الأحد 18 يونيو الجاري ندوة تكريم الموسيقار الكبير عمر خيرت ضمن برنامج "نجم وندوة" تحت رعاية الدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة، سلمه التكريم الفنان تامر عبد المنعم مدير عام الثقافة السينمائية ومدير قصر السينما، شهادة تقدير من وزارة الثقافة ودرع الهيئة العامة لقصور الثقافة عن مشواره الفني الحافل وتاريخه الكبير، حضر التكريم سفير فنزويلا Wilmer berrientos والملحق الثقافي الإيطالي David scalmari ، ووسط حضور جماهيري كبير.
ولد عمر علي محمود خيرت في 11 نوفمبر، بحي السيدة زينب بالقاهرة، ثم إنتقل إلى حي الدقي مع أسرته في السادسة من عمره. وهو مؤلف وموزع موسيقي وعازف بيانو مصري شهير، وله إثنين من الأبناء هم المخرج "عمر خيرت" و"شيرين خيرت" التي تعيش بالولايات المتحدة الأمريكية مع زوجها وتعمل بمجال التدريس، نشأ عمر خيرت في أسرة مثقفة تهتم بالفنون، وله خمسة أشقاء.
أصل الجد الأكبر:
نزح الجد الأكبر (والد جده) للموسيقار عمر خيرت "عُبيد الله خيرت" من مدينة "خوقند أو قوقند" شرق أوزبكستان بقارة آسيا إلى شبه الجزيرة العربية إلى مصر، الذي كان يعمل خطاطاً والذي تميز ببراعته وسرعته في إنجاز العمل، حيث كان لديه مهارة الكتابة بيده الشمال لمرة واحدة، ولم يكتب بطريقة متقطعة، وفي يوم عُرضت مناقصة لنقش إسم الخديوي "سعيد" على أزرار "ضباط الجيش" للتشريفة، وتقدم الخطاطين للمناقصة وكان عُبيد الله خيرت من بينهم، وتقدموا للإختبار، وإجتاز عُبيد الله الإختبار وفاز بالعطا لأنه كان أمهرهم وأسرعهم، فأعطوه الأزرار التي كانت من الذهب ليبدأ العمل، وبالفعل أخذها وأنهى العمل في وقت وجيز، وذهب إلى القصر ومعه الأزرار التي حفر عليها إسم الخديوي وبواقي الذهب من الحفر، فأعجب به الخديوي "سعيد" لأمانته وأراد أن يعطي له قطعة أرض، فخيره مابين أرض بركة الفيل (السيدة زينب حاليأً) أو أرض الكُبري الأعمى (كُبري الجلاء حالياً )، فختار "بركة الفيل"، وبالفعل أصبح عُبيد الله صاحب بركة الفيل، ولكن عندما ذهب إليها وجدها غير مأهولة بالسكان، فظل يعطي كل من يعرفه قطعة من الأرض ليعمرها، ولم يبقى له سوى عمارة "خيرت" التي تقع في 30 شارع "خيرت".
نشأته وثقافته:
كان جد الموسيقار عمر خيرت "محمود خيرت" (والد والده) رسام وموسيقي ومثال وشاعر وأديب وسياسي ومترجم ومحامي وسكرتير مجلس الشيوخ، هو أول من كتب قصة وكتب قصتي "الفتى الريفي"، "والفتاة الريفية"، وكان منزله به صالون دائم للفنون كان يُعقد أسبوعياً ويجتمع فيه المثقفين والفنانين كفنان الشعب سيد درويش، المثال محمود مختار، الأديب مصطفى المنفلوطي، عازف الكمان أحمد داده، عازف الكمان سامي الشوا، الفنان ومؤسس معهد الموسيقى العربية مصطفي بك رضا، الملحن إبراهيم القباني وغيرهم.. وكان أول لقاء بين موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وكوكب الشرق أم كلثوم في شبابهم كان في بيت "خيرت" وغنوا جزء من العشر الطيبة لسيد درويش.
قال عمر خيرت إن
جده "محمود خيرت" كان يحرص على تعليم أبنائه الموسيقى بجانب دراستهم الأكاديمية، فوالده كان مهندس معماري متخصص في العمارة الإسلامية وبناء المساجد، وأيضاً عازفاً للبيانو ووكيل أول وزارة، وفي شبابه كون مع أشقاءه فرقة "خيرت" الموسيقية.
لعب أبو بكر خيرت (عم عمر خيرت) دوراً هامة في بناء شخصية عمر خيرت، وكان مثله الأعلى في مجال الفن والموسيقى وكان يحلم أن يصبح مثل عمه، لأنه كان شخصية إستثنائية، فكان أبو بكر مهندس معماري وموسيقار، وسافر بعثة إلى باريس وتفوق على زملاءه، ثم سافر إلى لندن لدراسة تخطيط المدن، ومع ذلك حبه للموسيقى جعل منه مؤلف وله أربع سيمفونيات وعدد من الأعمال المتميزة، كأعمالاً للكورال والأوركسترا والإفتتاحيات، وهو الذي صمم المدينة الجامعية لجامعة القاهرة ومستشفى "الكاتب" وعمارة "موبيل" بجاردن ستي، وصمم مباني معاهد أكاديمية الفنون التي افتتحت عام 1959م، وأصبح أبو بكر خيرت أول عميد "للكونسرفتوار".
بداياته:
درس عمر خيرت في "الكونسرفتوار" منذ التاسعة من عمره وكان ضمن الدفعة الأولى التي تخرجت من المعهد، حيث درس العزف على البيانو والنظريات الموسيفية، ودرس التأليف الموسيقي بكلية "تريني" بلندن، ثم إتجه للعزف على آلة "الدرامز" لكن بقي مولعاً بالعزف على "البيانو" الذي يصفه بأنه أم الآلات الموسيقية، وبعد ذلك إنضم عمر خيرت في بداياته إلى فرقة لي بُتي شات Les Petits Chats وهي فرقة مصرية لموسيقى الروك في مطلع ستينيات القرن الماضي.
وقال عمر خيرت إن أول من أعطى له الفرصة لتقديم أعماله من خلال الأفلام السينمائية هي سيدة الشاشة العربية "فاتن حمامة"، عندما رأته لأول مرة يعزف على البيانو إرتجالاً في أحد الحفلات الخاصة ببيت أحد المعارف، أعجبت بعزفه وقالت له "طيب ليه إحنا ما بنسمعش الحاجات دي"، وبعد ذلك تواصلت معه، وطلبت منه عمل خلفية موسيقية لبرنامج شعري يومي إسمه "قطرات الندى" لإذاعة الكويت والإذاعة المصرية، حيث كانت تلقي أشعار بصوتها لكبار الشعراء العرب، وبعد ذلك تعاونوا في أول فيلم يقوم عمر خيرت بعمل الموسيقى التصويرية له، وهو فيلم "ليلة القبض على فاطمة" عام 1983م، وبدأ عمر خيرت مشواره الفني الحقيقي والحافل، فأبدع وخلق نمطاً موسيقياً مزج فيه بين الكلاسيكية والشعبية، حيث دمج الأكورديون والعود والقانون بالكلارنيت والإبوا والساكس، وأدخل إلى أذهان المصريين والعرب ثقافة الموسيقى الخالصة فأصبحوا يتهافتون على حضور حفلاته في كل مكان.
أهم أعماله:
قام عمر خيرت بإعادة توزيع أغاني موسيقار الأجيال "محمد عبد الوهاب" مثل: "أنت عمري"، "أمتى الزمان يسمح"، وقد أعجب الفكرة محمد عبد الوهاب واعتبرها أجمل هدية قدمت له وشكره عليها. ولحن أغاني لبعض المطربين مثل: علي الحجار وهاني شاكر ومحمد منير وأنغام ولطيفة. وأصدر خيرت العديد من الكاسيتات والفيديوهات كوهبيات جزء أول وتاني والرؤية.
أقام الموسيقار عمر خيرت العديد من الحفلات في "دار الأوبرا المصرية" وفي "ساقية الصاوي" وفي مهرجان الموسيقى العربية وفي "الساحل الشمالي"، ورفعت حفلاته لافتة كامل العدد في إشارة واضحة لشعبية هذا الموسيقار الكبير. وشارك في موسيقى باليه العرافة والعطور الساحرة لفرقة الباليه الكندية عام 1989م.
وشارك عمر خيرت في العديد من المهرجانات والإحتفاليات والأعياد الوطنية، كالعيد الوطني لسلطنة عُمان عام 1993م، وفي إحتفالية العيد الوطني لإيطاليا من نفس العام، وبمهرجان قرطاج السينمائي بتونس عام 1998م، وشارك في كل من أوبريت الشيخ زايد بالإمارات العربية المتحدة وفي أوبريت روح أكتوبر بمصر عام 2000م، وفي إحتفالية الثلاث حضرات بمورسيا - إسبانيا عام 2005م، وفي إحتفالية مرور 100 عام على السينما المصرية، وفي إفتتاح دورة الألعاب الآسيوية بالدوحة - قطر عام 2006م، وفي أوبريت تل العمارنة، وفي إفتتاح دورة الألعاب العربية بالقاهرة - مصر عام 2007م، وشارك في إحتفالية تسليم رئاسة الإتحاد الأوربي من سلوفينيا إلى فرنسا بسلوفينيا عام 2008م، وفي قرعة كأس العالم للشباب في الأقصر عام 2009م، وفي مهرجان الموسيقى العربية عام 2022م.
مسلسلات:
غوايش 1986م، صابر يا عم صابر 1988م، ، اللقاء الثاني 1988م، البخيل وأنا 1990م، ضمير أبلة حكمت 1991م، الثعلب 1993م، يوميات ونيس 1998م، وجه القمر 2000م، يا رجال العالم اتحدوا 2000م مسألة مبدأ 2003م، ملح الأرض 2004م، العميل 101 2005م، الجماعة 2010م، الخواجة عبد القادر 2012م، فرقة ناجي عطا الله 2012م، الداعية 2013م، دهشة 2014م.
أفلام:
ليلة القبض على فاطمة 1983م، ما الذي قتل هذا الحب، بحر الأوهام، قضية العم أحمد 1985م، خلي بالك من عقلك 1985م، الهروب من الخانكة 1986م، موعد مع القدر 1987م، سرقات صيفية 1988م، صراع الأحفاد 1989م، الحب أيضاً يموت 1990م، نساء صعاليك 1991م، الفيلم الكندي البحث عن ديانا 1992م، فرسان آخر زمان 1993م، لصوص خمس نجوم 1994م، الإرهابي 1994م، البحث عن توت غنخ آمون 1995م، النوم في العسل 1996م، أولى ثانوي 1999م، إمرأة تحت المراقبة 2000م، سكوت حنصور 2001م، مافيا 2002م، النعامة والطاووس 2002م، حب البنات 2004م، السفارة في العمارة 2005م، الرهينة 2006م، الجزيرة 2007م، ولاد العم 2009م، زهايمر 2010م، الممر 2019م..
الفوازير:
فوازير "الحلو مايكملش" لجيهان نصر عام 1996م، وفوازير "جيران الهنا" لنادين ووائل نور عام 1997م، وفوازير"مانستغناش" لنادين عام 1998م.
الجوائز:
حصد عمر خيرت عشرات الجوائز وشهادات التقدير المصرية والعربية عن أعماله كأفضل موسيقى تصويرية، ونال شهادة تقدير من الجمعية المصرية للسينما عن أحسن موسيقى لفيلم "الهروب من الخانكة" عام 1988م، وحاز على جائزة من إتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري عن موسيقى فيلم "البحث عن توت غنخ آمون" عام 1997م، ونال جائزة أخرى من الجمعية المصرية للسينما لموسيقى فيلم "النوم في العسل" من نفس العام.
نال جائزة من مهرجان تبسة الدولي بالجزائر ومن مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي للموسيقى التصويرية لفيلم "النعامة والطاووس" عام 2001م، ونال جائزة الفارس الذهبي من إتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري عن أغنية "المصري" من فيلم "سكوت حنصور" من نفس العام، وحصل على جائزة "أوسكار السينما المصرية" من جمعية فن السينما المصرية عن فيلم "مافيا" عام 2003م.
وحصل على نفس الجائزة عن فيلم "السفارة في العمارة" عام 2005م، وحصل على جائزة أحسن موسيقى تصويرية لمسلسل "العميل 101" بناءً على إستفتاء الجمهور عام 2005م، منح جائزة شخصية العام الثقافية من جائزة الشيخ زايد للكتاب، تقديراً لجهوده المتميزة وأعماله الموسيقية عام 2023م، وتم تكريمه بقصر السينما وتسليمه شهادة تقدير من وزارة الثقافة ودرع الهيئة العامة لقصور الثقافة عن مشواره الفني الحافل وتاريخه الكبير.
