18:10 | 23 يوليو 2019

فريد عبد الوارث يكتب: قمة شرم الشيخ.. مصر تتصدر المشهد وتكتب معادلة التوازن في زمن الانهيارات

11:11am 13/10/25
فريد عبد الوارث
فريد عبد الوارث

تُعقد بعد ظهر اليوم، قمة شرم الشيخ للسلام برئاسة مشتركة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بمشاركة غير مسبوقة من قادة أكثر من عشرين دولة من مختلف القارات، في لحظة تاريخية فارقة تعيد رسم ملامح المنطقة، وسط غياب ملحوظ لقادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ما فتح باب التأويلات والتساؤلات حول مواقف الدولتين في ظل تسارع الأحداث.
مصر... قلب العروبة النابض ومركز القرار
لم تكن مشاركة مصر في القمة مجرد حضور دبلوماسي اعتيادي، بل كان حضورًا محوريًا فاعلًا، يؤكد ما أضحى حقيقة لا جدال فيها... أن القاهرة استعادت مكانتها كصاحبة القرار العربي، والحارس الأمين لبوابة الشرق.
لقد أثبتت المخابرات العامة المصرية، بقيادة رجال يمتازون بالحكمة والدهاء الاستراتيجي، أنها الرقم الصعب في معادلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فمنذ اندلاع العدوان الأخير على غزة، ومصر تتحرك على أكثر من جبهة، مستخدمة ذكاءها المعلوماتي وحنكتها الاستخباراتية في إدارة معركة معقدة ضد آلة الحرب الإسرائيلية، دون أن تطلق رصاصة واحدة، ولكن بإصابات سياسية ودبلوماسية موجعة.
معركة غزة... وعبقرية الدولة المصرية
وسط نذر التصعيد ومحاولات الاحتلال دفع سكان غزة نحو التهجير القسري، كانت مصر وحدها من وقفت سدًا منيعًا أمام تلك المخططات، حيث أكدت الدولة المصرية – قولًا وفعلًا – أن أمن غزة من أمن مصر، وأن أي مساس بجغرافيتها الديموغرافية هو خط أحمر لا يُسمح بتجاوزه.
وإلى جانب الجهد الاستخباراتي الرفيع، لا يمكن إغفال دور القوات المسلحة المصرية التي عززت من وجودها الاستراتيجي على الحدود الشرقية، في رسالة واضحة للعدو قبل الصديق، بأن مصر لن تسمح بخلق واقع جديد يهدد أمنها القومي أو يطعن في ثوابت القضية الفلسطينية.
السيسي... صانع التوازن في زمن الاختلال
ولعل أعظم ما شهدته هذه القمة هو الأداء السياسي المتزن و الحاسم للرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي قاد زمام المبادرة ببصيرة القائد وهدوء الخبير، فبذكاء رجل الدولة، ومهارة خبير الأمن القومي، تمكن السيسي من إعادة تموضع مصر كلاعب إقليمي رئيسي، دون أن تنجر إلى الشعارات الجوفاء أو المزايدات الإعلامية، بل عبر عمل دبلوماسي منظم ودقيق، أثمر عن وقف نزيف الدم في غزة، ومنع كارثة إنسانية وشيكة.
غياب سعودي-إماراتي... وصمت يحمل دلالات
في الوقت الذي احتشد فيه زعماء العالم في شرم الشيخ، لبحث سبل تهدئة الأوضاع في غزة، وتحقيق تسوية عادلة تحفظ كرامة الإنسان الفلسطيني، لفت الأنظار غياب قادة السعودية والإمارات، وهو غياب لا يمكن قراءته في إطار المصادفة أو الانشغال، بل إنه غياب يطرح تساؤلات عن تموضع بعض العواصم العربية في قضايا الأمة، وعن حقيقة الأولويات التي تحكم علاقاتها وتحالفاتها.
فهل يعكس الغياب تراجعًا في الاهتمام بالقضية الفلسطينية؟ أم أنه رسالة ضمنية بعدم القبول بالدور المصري المتنامي في المنطقة؟ أسئلة تظل مفتوحة، بانتظار الإجابة من قِبل صناع القرار في الرياض وأبوظبي.
لقد أثبتت قمة شرم الشيخ أن مصر ليست مجرد دولة في الخريطة، بل هي مركز الثقل العربي والإقليمي، وحينما تسقط عواصم في وحل التطبيع والحياد، تنهض القاهرة بشموخها التاريخي، لتحمل راية السلام العادل، وتُذكّر الجميع بأن الكرامة العربية لا تُباع، وأن فلسطين لا تزال في قلب الأمة، ما دامت مصر بخير.
 

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum