القاضى والجلاد
لفتني مؤخرا هذا الكم المبالغ فيه من الناس التى أصبحت أكثر تنفيثا عن إحباطاتها ومشكلاتها على مواقع التواصل الإجتماعي، وللأسف فهى ليست مشاكل عامة ولكنها مشاكل خاصة بل وأحيانا شديدة الخصوصية حيث تخلوا برغبتهم عن انتهاج المثل القائل اكفى على الخبر ماجور وانتهجوا بدلا منه المثل الشائع .. كتر م الفضايح ألا انا رايح
ولا أنكر أن البعض وجد ضالته عند تصعيد مشكلته بعد التقاطها من بعض وسائل الإعلام وتصديرها للرأي العام كمشكله أو ظاهرة إجتماعية تستحق التناول مثل ضرب الزوجات ،التحرش وخلافات الميراث مثلا
فهل ياترى هناك بعدا نفسيا لإنتشار فكرة البث المباشر لهذه المشكلات الشخصية ؟؟
بالطبع نعم فمن يلجأ لهذا الأسلوب ليس بالضعف الذى نتصوره ، ولكنه يدرك تماما كيف يستغل تلك الوسيلة بشكل مؤثر نفسيا لخلق رأى عام محابى له لضمان دعمه ومناصرته ؛ لذا فهو يستغله كنوع من الإبتزاز العاطفي ، وخاصة أنه يعرض مشكلته من وجهة نظره الخاصة كصاحب مشكلة قد يكون فيها صاحب حق أو العكس فهو يعرضها علي غرباء لا يعرفونه وكذلك لايعرفون الطرف الآخر الذى قد يكون ضحيه لهذا المدعى حيث تتوه الحقائق وتلتبس الأمور ، وتتداخل الأحداث خاصة إذا ماقام الطرف الآخر بالرد ببث مشابه فتتصارع آراء الناس مابين مؤيد لهذا ومعارض لذاك رغم أن لا أحد من الجمهور يملك تفاصيل ووقائع محددة لحقيقة المشكلة
فيصبحون القاض والجلاد فى نفس الوقت .
اما الأبعاد النفسية للجمهور المتلقى والذى قد تتعدد بالنسبة له ومن أهمها
أولا.. عدم الموضوعية فى التفاعل مع المشكلة لأنه ليس طرفا فيها فقد تفتقر إلى المنطقية وقد يكون رأيه نتاج خبرات شخصية تراكمية سيئة مر بها لذا يكون حكمه إنفعاليا عاطفيا
ثانيا .. أن أغلب الذين يدلون بدلوهم بالرأى غير مؤهلين لذلك، فقد تحتاج المشكلة لرأى قانونى مثلا أو رأى طبي نفسى وغير ذلك من الآراء المتخصصة
لذا فإن عرض المشكلة عن طريق البث المباشر أو تسجيل فيديو ليس بالأمر المقبول إجتماعيا ، وثقافيا؛ لأن العرض بصورة مكثفة لهذه المشكلات الفردية يشكل صورة سلبية للمجتمع المصرى فى ذهن المجتمعات الأخرى والذين يمكن أن تكون مشاكلهم أسوأ واعمق ولكن ليس لديهم ثقافة نشر الغسيل القذر مثلنا
لذا يجب علينا تدارك الموقف وعدم الاستغراق فيما قد يهدم كياننا الاجتماعي ويشوه صورته بتلك البشاعات