السفر إلى الماضي
الماضي يمكن وصفه بأنه عملية يتم فيها استرجاع مشاعر عابرة ولحظات سعيدة من الذاكرة وطرد جميع اللحظات السلبية فهو يثير فينا الشجون والذكريات ربما رغبة في العودة إلى هذه الأزمان والأماكن والمراحل . ربما حنين إلى الأشخاص الذين فقدناهم،وربما حنين إلى أنفسنا: شكلنا وملامحنا وأعمارنا وأحلامنا التي طوتها دفاتر الأيام إلى أيام الطفولة البريئة إلى بساطة الحياة ومن جهة أخرى قد تكون انعكاسا للخوف من سرعة مرور الأيام والأحداث، في الغالب يشعر الفرد بالأمان النفسي والراحة والاطمئنان بالعيش في الماضي الذي يألف أحداثه وأشخاصه، بينما قد يشعر بالخوف أو التوجس من المستقبل فيحكم عليه أحكاما خاطئة نتيجة تصورات ذهنية لحوادث مؤلمة لم تقع له وإنما وقعت لغيره فيتصور أنه لا بد أن سيواجهها يوما ما. والغريب أنه لا يعيش اللحظة الراهنة فتنسحب منه لحظات السعادة من غير أن يستشعرها وتمر سريعا لا أن الحنين إلى الماضي له أساس سيكولوجي،(الحنين إلى ماضي مثالي) ويشير علماء النفس أن الحنين إلى ماضي مثالي هي آلية دفاع يستخدمها العقل لتحسين الحالة النفسية ولتحسين المزاج خاصة عندما نواجه صعوبات في التكيف وعند الشعور بالوحدة، كما أن الحنين للماضي مهم للصحة العقلية والنفسية، وله فوائد جسدية وعاطفية؛ فهو أسلوب ناجح في محاربة الاكتئاب وقتيا ويعزز الثقة بالنفس والنضج الاجتماعي لا شك أن الحنين إلى الماضي بتفاصيله شيء جميل ويمدنا بسعادة وراحة، ولكن يكمن الخطورة في إدمان استرجاع ذكريات الماضي إنكار موت عزيز او انكار فقد حبيب او فقد أحد الوالدين أو كلاهما وأحلام اليقظة، فإن اعتماد الفرد على الوسائل النفسية الدفاعية للتخلص من التوتر والألم النفسي وفي البحث عن السعادة بشكل متكرر ودائم، يعيق نموه فيصبح الانسحاب من الحاضر أسلوب حياة فيصبح الفرد عاجزا عن اتخاذ القرارات نتفق أن الذكريات جميلة والماضي مبهج، ولكن الماضي لنتذكره وليس لنعيش فيه لأنه انتهى فإذا كانت حياتنا في الوقت الحاضر ليست كما كنا نتمني ، لكن بإمكاننا العودة إلى ممارسة النشاطات التي لطالما أحببناها وفضلناها، وتوطيد العلاقات الاجتماعية التي بتنا نشكو ضعفها