18:10 | 23 يوليو 2019

ما لا يراه العابرون

11:26pm 18/12/25
نشأت البسيوني

في لحظه هادئه لا يلاحظها احد يقف الانسان امام نفسه دون مرايا ودون شهود فيكتشف ان كل ما كان يظنه ثابتا كان يتحرك داخله بصمت وان القلق لم يكن عدوا بل رساله مؤجله لم يفهمها في وقتها نعيش اياما متشابهه في شكلها متكرره في تفاصيلها لكن داخل كل يوم حكاية غير مكتوبه حكاية صبر خفي وتعب مؤجل ورغبه بسيطه في ان يمر الوقت بسلام دون خسائر اضافيه الناس تمضي 

 

في الطرق نفسها تردد الكلمات نفسها تضحك في المواضع نفسها لكن القلوب تختلف في ما تحمله وفي ما تخفيه هناك من يتقن الظهور قويا وهناك من تعلم كيف يخفي الانكسار بابتسامه خفيفه وكلاهما يسير في الشارع ذاته لكن كل واحد يعيش عالما مختلفا لا يراه غيره الحياه لا تعلن عن دروسها ولا تشرح اسبابها هي تضعنا فجأه في مواقف نظنها عابره ثم نكتشف بعد زمن انها كانت نقاط 

 

تحول غيرت فينا اشياء كثيره كلمه لم تقال موقف سكتنا عنه طريق لم نكمله انتظار طال اكثر مما يجب قرار تأخر خوفا من الخساره القوه الحقيقيه لا تظهر في الضجيج ولا في الصراع بل في الاختيار حين تختار الهدوء رغم قدرتك على الرد وحين تبتعد رغم تعلقك وحين تكمل رغم الارهاق هي قدره على التماسك لا على الاستعراض وقدره على الفهم لا على الغلبه كم من انسان ظنه 

 

الاخرون محظوظا وهو في الداخل يخوض معركه يوميه ليحافظ على توازنه وكم من شخص بدا عاديا وهو يحمل من الحكمه ما يكفي لتهدئة عالم كامل المقاييس خادعه والمظاهر لا تحكي القصه كامله الوقت لا يشفي كما يقال بل يكشف يكشف الاشخاص والنيات والاختيارات ومع كل كشف يتعلم الانسان شيئا جديدا عن نفسه عن حدوده عن ما يستحقه فعلا يتعلم ان بعض الخسارات 

 

كانت انقاذا وان بعض النجاحات كانت حملا ثقيلا وحين يهدأ الانسان يبدأ في اعاده ترتيب داخله يفهم ان الركض المستمر لم يكن شجاعه وان التوقف لم يكن ضعفا وان الاستمرار لا يعني العناد وان التراجع احيانا حكمه ويكتشف ان السلام الداخلي ليس حلما بعيدا بل قرارا شجاعا العالم لن يتوقف عن الطلب ولن يقلل من ضغوطه لكن الانسان يمكنه ان يقلل من القسوه على نفسه يمكنه ان 

 

يختار ما يناسبه لا ما يفرض عليه وان يتعلم ان يقول لا دون شعور بالذنب ودون حاجه للتبرير ومع مرور الايام تتغير الاشياء ببطء تتغير طريقه النظر وطريقه الفهم وطريقه الاختيار نصبح اقل اندفاعا اكثر وعيا اهدأ في الحكم لا لاننا تعبنا فقط بل لاننا فهمنا

نكتشف ان كثيرا مما كان يؤلمنا لم يكن الحدث ذاته بل ثقل التوقعات وان كثيرا من الصراعات لم تكن ضروريه وان كثيرا من 

 

الاصوات لم تكن تستحق الاصغاء نتعلم ان القرب لا يقاس بالمسافه وان الغياب لا يقاس بالبعد وان بعض الحضور كان عبئا وبعض الغياب كان رحمه وان العلاقات التي لا تمنح الطمأنينه ليست خساره حين تنتهي بل خساره حين تستمر وفي مرحله ما لا يعود الانسان باحثا عن اثبات ولا عن تصفيق يكتفي بان يكون صادقا مع نفسه وان يعيش وفقا لما يشعر به لا لما ينتظره الاخرون منه يصبح 

 

الهدوء اختيارا والوضوح اسلوبا والبساطه غايه وحين يصل الانسان الى هذه النقطه لا يعود خائفا من التغيير ولا اسيرا لما مضى يدرك ان الرحله لم تكن للوصول بل للفهم وان كل ما مر به كان يعلمه كيف يكون اخف كيف يكون اصدق كيف يكون اقرب لنفسه لا يبقى الا هذا الشعور الهادئ انك لم تعد في صراع مع العالم ولا في خصام مع ذاتك انك تمشي بخطوه تناسبك وتنظر بعين 

 

تفهمك وتعيش دون ان تفقد نفسك وسط الضجيج وهذا كله هو ما لا يراه العابرون وهنا تنتهي الحكاية دون صخب لان الفهم حين

يكتمل لا يحتاج ضجيجا

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum