حين يعيدنا الطريق إلى أنفسنا

حين يعيدنا الطريق إلى أنفسنا في لحظة ما من العمر بنقف قدام نفسنا مواجهة مالهاش أي مخرج مواجهة بتكسر كل الأقنعة اللي لبسناها سنين وبتفضح كل الحكايات اللي خبيناها جوا قلوبنا وبنلاقي نفسنا قدام سؤال ماحدش يقدر يجاوبه غيرنا ماذا تبقى منا بعد كل اللي مر بينا بعد التعب اللي كوَّمنا في آخر الليل وبعد الدروس اللي وجعتنا لحد الصمت وبعد العلاقات اللي دخلت حياتنا 

وخرجت من غير ما تستأذن بنكتشف إن اللي بيفضل جوانا مش الناس اللي مشيت ولا اللي ضاع ولا اللي اتكسر ولا اللي اتأخر لكن إحساسنا بكل لحظة عدت إحساس الوجع اللي علمنا الصبر وإحساس الفرح اللي اختفى بسرعة وساب وراه حنين وإحساس الضياع اللي رجعنا نبحث عن نفسنا بصدق وإحساس الخذلان اللي قلل ثقتنا لكنه زود حذرنا وإحساس الأمان اللي نادر لما يجي لكنه 

لما يجي يفضل محفور جوانا مهما مر الزمن وبنلاقي إن الطريق اللي مشيناه ماكانش رايح بينا لمكان محدد قد ما كان بيرجعنا لنفسنا اللي ضاعت وسط الزحمة وسط ناس ظهرت واختفت وسط علاقات كبرت ووقعت وسط أوقات كنا واقفين فيها مش عارفين مين احنا ولا عايزين نكون مين ومع كل خطوة حتى اللي حسبناها غلط كانت بتقربنا من الحقيقة اللي جوانا والقلب رغم كل اللي 

اتعرض له من كسور ولسه قادر يصدق ويحب ويتعلق ويفتح باب جديد كأن الوجع القديم ماكانش موجود كأن جواه شرارة حياة ربنا حافظها مهما الدنيا ضلمت وبعد ده كله نفهم إننا ماكناش ضعاف زي ما صدقنا نفسنا وقت الانهيار ولا انتهينا وقت ما اتقفل باب كنا شايفينه آخر فرصة ولا ضايعين وقت ما وقفنا لوحدنا القوة مش إنك ما تتكسرش القوة إنك تتكسر وتقوم تتكسر وتقوم تاني وثالث 

ورابع لحد ما روحك تتعلم إن القيام جزء من طبيعتها وإن السقوط محطة مش نهاية ولما نبص ورا بعد سنين نلاقي إن اللي افتكرناه نهايات كان بدايات جديدة وإن اللي افتكرناه وجع كان حماية من وجع أكبر وإن اللي افتكرناه خسارة كان نجاة من طريق ماكانش لينا فيه مكان وإن اللي حسبناه خذلان كان رحمة من ربنا وإن اللي حسبناه تأخير كان ترتيب أدق من عقلنا وقتها وبعد ما الهدوء يدخل 

قلوبنا نفهم إن الحياة ماطلبتش مننا نكون كاملين الحياة طلبت نكون صادقين مع نفسنا نفهم حدودنا حتى لو الأيام وسعتها نفهم قيمتنا حتى لو محدش شافها نفهم إن وجودنا جوا نفسنا أهم من وجودنا عند أي حد وإن اللي بيكمل معانا مش الأقوى ولا الأذكى ولا الأجمل اللي بيكمل هو اللي قلبنا يرتاح له من أول اللحظة اللي وجوده يطمن حتى لو ساكت اللي غيابه يعلمنا قيمته حتى لو 

ماعملش حاجة غير إنه كان موجود وكل اللي مر بينا يخلينا نسأل نفسنا مين احنا بعد كل ده بعد الناس اللي راحت والناس اللي جات بعد الدموع اللي نزلت واللي اتحبست بعد الحاجات اللي اتكسرت واللي اتلَمت بعد الطرق اللي لفت بينا ورجعتنا من غير ما نحس لنفس النقطة النقطة اللي فيها نعرف إن كل طريق في الآخر بيرجعنا لنفس الحقيقة إن أهم طريق هو اللي يرجعنا لنفسنا لنقطة 

الصدق لنقطة الفطرة لنقطة الحقيقة اللي ربنا خلقها جوانا

وفي النهاية نكتشف إن الدائرة اللي هربنا منها سنين هي نفسها الدائرة اللي هنرجع لها الدائرة اللي فيها نقابل نفسنا اللي خبيناها وسط ضحك اتقال علشان يخبي وجع اللي خبيناها وسط ناس اتعلقنا بيهم أكتر من اللي استحقتهم قلوبنا اللي خبيناها وسط محاولات نثبت فيها للناس قيمتنا بينما اللي كان لازم نعمله نثبتها 

لنفسنا نعرف إن اللي بندور عليه مش برة مش في حد ولا في مكان ولا في فرصة اللي بندور عليه جوانا في القلب اللي اتغير واتكسر واتلحم ورجع يقف رغم كل اللي مر عليه وساعتها نفهم إن الطريق مهما طال ومهما خدنا في اتجاهات بعيدة نهايته دايما واحدة إنه يرجعنا لنفسنا من جديد وده يكون آخر الطريق وبداية الفهم الحقيقي وبداية حياة مختلفة كلها على أساس ثابت

جاي من جوه مش من بره