الإنترنت بريء براءة الذئب!
أصبح الإنترنت جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان اليومية، وبدونه يرجع الإنسان إلى الخلف لعشرات السنين، وبالرغم من فوائد الإنترنت التي لا تُعد، إلا أن كثيرون يُطالبون بحجب الإنترنت، وآخرون يُطالبون بتشغيله عدد من الساعات في اليوم، وغيرهم يُطالب بحجب بعض المواقع.. ويحصرون الإنترنت على أنه أفسد وفرق المجتمعات، وأتاح كل سَيء أمام الجميع، وفي كل مشكلة مُجتمعية تحدث، نجد من يحاول أن يُلقي اللوم على استخدام الإنترنت.
كل شيء في الدنيا سلاح ذو حدين! فالطعام مفيد لصحة الإنسان، ولكن إذا تم الإفراط في تناوله، يصاب الإنسان بالتُخمة وبالأمراض. والعمل مفيد، لكن إذا الفرد تجاوز في ساعات العمل، سيخسر صحته وباقي ضروريات الحياة. واكتساب العلم ضرورة، لكن إذا الإنسان ترك نفسه يتعلم من الآخرين دون تشغيل عقله، ودون التجارب، سيصاب بالجهل!
والإنترنت مثله مثل باقي الإختراعات، تم اختراعه من أجل نفع البشرية، فمخترع الديناميد، كان يقصد باختراعه استخراج خيرات الأرض، لتنتفع بها البشرية، ولكن الإنسان استخدمه في الحروب والتدمير.. ومخترع السكين كان غرضه تسهيل أمور الحياة، ولكن الإنسان استخدمه في الشر..
ونجد أن أناس كثيرون يعتمدون على الإنترنت بشكل أساسي، فمنهم من أنشأ شركات ومتاجر إلكترونية كبرى، وجمع ثروات ضخمة، وكثير من السيدات يعملون وهم في بيوتهن على الإنترنت، وأيضاً من خلال الإنترنت يعمل كثير من ذوي القدرات الخاصة، الذين كانوا في السابق يعانون من قلة العمل، ونسبة كبيرة من طلاب العلم حصلوا على شهادات جامعية، وعلى درجة الماجستير والدكتوراه عبر الإنترنت، وآلاف الباحثين قاموا بعمل أبحاثهم من خلال الإنترنت، كما أن الإنترنت جعل الجميع يستغنى عن إرسال الخطابات، التي كانت في السابق تأخذ أيام عديدة لتصل، وأصبح من السهل سماع ورؤية أي شخص في أي مكان، عبر تطبيقات ومواقع التواصل الإجتماعي على مدار اليوم، وأيضاً قدم عدد هائل من المُبدعين في جميع المجالات أعمالهم وعُرفوا من خلال الإنترنت، حتى في وقت ما أصيب العالم بفيرس كورونا (كوفيد 19) أنجز الجميع كل مصالحه من خلال الإنترنت..
وكما نجد أشياء مفيدة على الإنترنت، سنجد السيء والمُضر أيضاً عليه، لأن الإنترنت نافذة مفتوحة على كل شيء، ولكن بالرقابة والتقنين نتفادى الخطر، فمثلاً إذا تركت الأم الهاتف المحمول مع أطفالها لساعات طويلة دون متابعة، لمجرد أنها مشغولة وتريد أن ترتاح من إلحاحهم في طلب الأشياء، أو شقاوتهم، فبالتأكيد سيتطرقون لسماع أو مشاهدة أشياء غير مناسبة لطفولتهم، وأيضاً إذا كانت الأسرة غير متفاهمة مع بعضها، فسينشغل كل فرد بهاتفه ويترك بعضهم البعض، وإذا كان المستخدم غير واعي بمخاطر التعامل على الإنترنت، فسيكون فريسة للإبتزاز، والسرقة، ومن الممكن أن يعرض نفسه للمُسائلة القانونية..
وإذا حاولنا أن نُفكر لبعض ثواني، فسنجد أن الإنترنت من اختراع الإنسان، وأنه لا يَعقل، والبشر هم من يقوموا برفع المحتوى عليه، ومنهم الصالح ومنهم السيء، فالإنترنت مثله مثل الواقع، فيه أشخاص جيدين وأشخاص غير أسوياء، ويستطيع الإنسان بعقله وعلمه، أن يضبط استخدامه للإنترنت، فعلى سبيل المثال: عندما يمسك المستخدم الهاتف أو الحاسوب، تنفتح له المواقع السيئة، وتحدث له الأزمات؟ بالطبع لا، فالمستخدم هو من يكتب ما يريده، لتفتح له المواقع والصفحات والتطبيقات.. ولا يستطيع الإنترنت إجبار أي شخص على فعل شيء لا يريده، وكل شخص مسؤول عن أفعاله.
الخلاصة.. أصبحت الحياة فيها كل لحظة جديد، وعلى الجميع أن يتقبل التطورات المتلاحقة التي تحدث حوله، ولا يغفل عن ضبط وتوازن الأمور، وإذا كان الإنترنت اليوم يُقلقنا، فغداً لا نعلم ما الجديد الذي سيدخل حياتنا، وسيجعلنا أكثر حيرة وقلق واختراقاً! ويجب على الإنسان مواجهة التطورات بالحكمة والحرص واستخدام العقل.




















