فيروس كورونا أصبح شبحا يهدد الصحة النفسية والعصبية للمتعافين منه

إن فيروس كورونا المستجد لم يكتف بغزو أجسامنا البشرية، لتتجاوز أعداد الإصابة 2 مليون حالة حول العالم، ويحصد أرواح 143,744 شخصًا، بل أصبح شبحًا يهدد الصحة النفسية للذين تعافوا من المرض، والذين تجاوزوا نصف المليون حول العالم.
حيث نشرت دورية " Brain Behavior Immunity " العلمية، بحثًا لأساتذة في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا، في سان دييجو، يفيد بأنه في أعقاب الشفاء من الأنفلونزا الجائجة، قد يعاني بعض أولئك الأشخاص الذين تماثلوا للشفاء من سوء الحالة النفسية، وقد يصل الأمر للإصابة ببعض الأمراض النفسية، مما يتطلب الرعاية الطبية، وتوخي الحذر في التعامل معهم.
وفي هذا البحث قد سلط الضوء على أن كوفيد 19 يعد جائحة تلعب دورًا هامًا في الاضطرابات النفسية على مستوى العالم، ومثلما يؤثر الفيروس التاجي على مناعة الشخص المضيف بشكل مباشر، فقد يؤثر أيضًا على الدماغ والسلوك.
وفي سياق هذا الموضوع ، أوضح البحث على وجود ضغوط نفسية كبيرة يعاني منها الأفراد والمجتمعات، وهناك مخاوف من تزايد حالات الإصابة والوفاة حول العالم، إلا أن هذا الوباء أصبح يشكل مصدرًا محتملًا للصدمات المباشرة وغير المباشرة للمجتمع.
وقد ذكرت الدكتورة إميلي.أ.تروير، أستاذ قسم الطب النفسي بجامعة كاليفورنيا، والمشاركة في الدراسة، لدورية "تايلاند" الطبية أن الأوبئة التي عانى منها العالم سابقًا أدت إلى ظهور إصابات كثيرة بأنواع متعددة من الأمراض العصبية والنفسية، من بينها اعتلال الدماغ وتغيرات مزاجية، وذهان وخلل عصبي.
وأفادت إميلي إلى أن هذه الأمراض عادًة ما تصاحب الإصابة بعدوى فيروسية حادة، ويمكن التوصل إلى ذلك من خلال تتبع المتعافين، وقد تظهر الأعراض النفسية خلال أسابيع أوأشهر من التماثل للشفاء.
وأشارت الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم النفس الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أنه مع كل أزمة عالمية أو محلية يكون هناك عدد من المتضررين الذين تتأثر صحتهم النفسية.
والجدير بالذكر أنها أوضحت أنه ربما يكون ذلك بسبب غياب ثقافة الطبيب النفسي خلال التعامل مع الأوبئة السابقة، مضيفة أنه لا يوجد حصر لأعداد المتضررين نفسيًا، خاصة وأنه خلال فترة المعاناة من الأوبئة والأمراض الفيروسية، والمشكلات الاجتماعية، يعاني عدد كبير من الأشخاص من أمراض ناتجة عن الصدمة، تحتاج إلى متخصص نفسي لعلاجها، ويتم هذا من خلال القوافل الطبية النفسية والجلسات الجماعية للمتضررين.
وأشارت إلى أن هذه الثقافة تحمي المجتمع من الظواهر والسلوكيات الغريبة التي تؤثر علينا جمعيًا.
ولكن كيف يمكن أن يؤثر كورونا علي الجهاز العصبي هذا ما أوضحه الدكتور جوردان كون، أستاذ بقسم الطب النفسي، ومؤلف مشارك بالبحث، أن فيروس "سارس-كوف2" يؤثر على الجهاز العصبي المركزي، مشيرًا إلى أن العديد من الدراسات حول تأثير الأوبئة الفيروسية التنفسية السابقة، أظهرت نتائجًا تفيد بوجود أنواع مختلفة من الأعراض النفسية العصبية التي يمكن أن تنشأ، بما في ذلك زيادة التعرض للأرق والقلق والاكتئاب والهوس والانتحار والهذيان، مثلما حدث في أعقاب جائحات الأنفلونزا في القرنين الثامن والتاسع عشر.
أما تأثير فيروس كورونا علي الصحة النفسية للمتعافين أوضحت أستاذ علم النفس الاجتماعي، أنه دائمًا في فترات تفشي الأوبئة يكون من لديهم استعدادًا نفسيًا للأمراض النفسية والعقلية هم الأكثر عرضة للإصابة بتلك الأمراض، ومن بينها اضطرابات القلق والتوتر، وأمراض ذهانية، وتكون الأعراض واضحة مثل نوبات الهلع.
وأفادت إلى أنه غالبًا ما يصاب بعض الأشخاص بأعراض خفيفة من الاضطرابات النفسية، يسهل إدراكها وعلاجها من خلال التقسيم إلى أمراض ذهانية عقلية، يتطلب علاجها تناول أنواع معينة من العقاقير، وأمراض نفسية تحتاج إلى جلسات الدعم النفسي.
كما أنها نصحت "فايد" باتباع بعض الإجراءات التي تمكن الأشخاص المتعافين من استعادة صحتهم النفسية، وتشمل:
- إدارة الذات من خلال ممارسة بعض المهارات الحياتية مثل الرسم.
- إعادة سبل التواصل الاجتماعي، مع الاشخاص المحيطين من أفراد الأسرة.
- وضع برنامج لإدارة الوقت