رحل باش حكيم ملوى وطبيب الغلابة دير البرشا ترثي العم « رحبعام »

ودعت دير البرشا رجلا عظيما وظاهرة بشرية تعدت علاقتها بالطب الخمسين عاما أوجدها الله فى زمن قد كانت الخدمة الطبية فيه قليلة جدا، وشخصية وهبها الله ان تتميز بيد الشفاء والحكمة فكانت موضع الأمان والإطمئنان لكل مريض ، العم رحبعام معزوز والمعروف في مركز ملوي محافظة المنيا بلقب طبيب الغلابة عن عمر ناهز 89 عامًا.
وتحولت منصات التواصل الإجتماعي إلى ساحة تعبير عن الحزن والأسى على وفاة رحبعام، الذي كان يُعرف أيضاً بـ «باش حكيم ملوي» بين أهل قريته والقرى المجاورة لها .
نبذه عن حياته ومهنته وخدمته :
مارس عم « رحبعام » مهنة التمريض منذ عام 1956، أثناء العدوان الثلاثي على مصر، واشتهر بتقديم خدماته الطبية للفقراء والمحتاجين دون أن يتقاضى منهم أجرًا يقابل الرعاية والخدمات الطبية العظيمة التي قدمها طوال مسيرة حياته من إنقاذ ارواح وإسعاف مرضى ومصابين وتعامل مع الطوارئ .
وكانت قد بدأت علاقته بعالم الطب منذ العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، كان مجندا في الجيش كغيره من الذين لبوا نداء الوطن وقرر أثناء أدائه الخدمة العسكرية أن يتعلم فن التمريض وخباياه، وإكتسب الكثير من أسرار الطب خلال الحرب،
كان في مستشفى رأس التين بالإسكندرية، وهناك حصل على عدد من الدورات التدريبية للممرضين وكيفية التعامل مع إسعاف مصابى الحرب والتي استمررت 3 سنوات في الجيش وتعلم خلالها كل فنون التمريض وإسعاف المصاب بسهولة وأطلق عليه في الجيش (باش حكيم) لتفوقه على زملائه وموهبته في التعامل مع الطوارئ ،
وأنتهت سنوات الجيش وعاد إلى قريته في دير البرشا، وهو في الخامسة والعشرين من عمره ليبدأ مرحلة جديدة من العمل ويغير مهنته من مجرد مزارع إلى باش حكيم كما أحب أن يطلقوا عليه.
وفى عام 1982 سافر للعمل كممرض في العراق في أحد المستشفيات لمدة عام، وازدادت خبرته في الطب والتمريض كما وكيفية التعامل مع المرضى واستقبالهم ثم عاد الى أهالي بلدته الذين لم ينسوه عاد لإستكمال خدمته لهم ولكل القرى المجاورة لدير البرشا ووضع الله في يده الشفاء لكل من أتوا اليه ،
وكان هو الأكثر شهرة في مدينة بحجم ملوى التي تضم أكثر من سبعين قرية و بجانب اهل قريته الذين كانوا لا يعرفون الطريق إلى الطبيب إلا في الحالات المستعصية وبتوجيه منه، وكان من اكثر المترددين عليه
بالقرى المجاورة دير أبوحنس والبرشا والبياضية ونزلة البرشا، والريرمون والشيخ عباده والروضة.
وإكتسب سمعته بالمعاملة الطيبة مع المرضى البسطاء، ولم يغلق العم رحبعام بابه في وجه اي مريض حتى لو كان في الفجر ، وكان يستقبل المرضى ويقوم بعمل الإسعافات السريعة لإصاباتهم التي لو قرروا بسببها الذهاب لدكتور خارج القرية لإزدادت حالتهم سوءا، وكثيرا ما كان يقترح على المريض بعد عمل الإسعاف اللازم له والكشف أن يذهب إلى الطبيب المختص حتى يحصل على الفحص الكامل من إشاعات وتحاليل وخلافه.
وداعاً العم رحبعام الذي سيظل حاضرا رغم المغيب، سيظل قدوة ونموذجاً، وعلامة مضيئة فى سجل أبناء بلدنا الحبيب الذين ضحوا بكل غال ونفيس من أجل خدمة البلد وأبنائها فقد كان رحمه الله نسيجا وحده فى الإنسانية والإيثار، وهب طوال مسيرة حياته كل ما يملك لمساعدة الغلابة والفقراء وبادلوه مكانة فى قلوبهم مرصعة بالحب والعرفان والتقدير.