صمت الأمس ودمار اليوم: هل دفعنا ثمن الفرقة العربية؟

في زمن مضى، كانت بلادنا تحت نير الاحتلال، وحكامنا يراقبون المشهد بصمت، متوهمين أنهم في مأمن من العواصف. لكن رياح التغيير لم ترحم أحداً، وها نحن اليوم نشهد فصولاً مأساوية من التمزق والضياع. لبنان، سوريا، اليمن، العراق، ليبيا، السودان، والجزائر، دول كانت بالأمس قلاعاً شامخة، تحولت اليوم إلى ساحات للخراب والدمار.
هل كان هذا مصيرنا المحتوم؟ أم أننا دفعنا ثمن تقاعسنا وتخاذلنا؟ لو وقفنا صفاً واحداً مع أشقائنا منذ البداية، هل كانت هذه المآسي لتضرب أطنابها في ربوعنا؟
إن ما نشهده اليوم ليس سوى نتيجة طبيعية لتراكمات الماضي، حيث غابت الوحدة وحضرت الفرقة، وتلاشت قيم التضامن وحلت محلها المصالح الضيقة. لقد أدرنا ظهورنا لبعضنا البعض، وتركنا قوى الشر تعبث بمقدراتنا، حتى وصلنا إلى هذا الدرك.
إن الدمار الذي يحيط بنا ليس مجرد خراب مادي، بل هو تدمير للروح العربية، وانهيار لقيم العروبة والإخاء. لقد فقدنا الكثير، ولكن ما زال بإمكاننا أن نستعيد بعضاً من كرامتنا، وأن نلملم شتاتنا، وأن نعيد بناء ما تهدم.
إن الطريق إلى الخلاص ليس سهلاً، ولكنه ليس مستحيلاً. علينا أن نتعلم من أخطاء الماضي، وأن ندرك أن قوتنا تكمن في وحدتنا، وأن مستقبلنا مرهون بتضامننا. علينا أن ننبذ الخلافات، وأن نوحد الصفوف، وأن نعمل معاً من أجل بناء مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة.
إن ما يحدث اليوم في بلادنا هو جرس إنذار مدوٍ، يجب أن يوقظنا من سباتنا، وأن يدفعنا إلى العمل الجاد من أجل تغيير واقعنا. علينا أن ندرك أننا جميعاً في مركب واحد، وإذا غرق المركب، فلن ينجو أحد.
إن الأمل ما زال موجوداً، ولكن تحقيقه يتطلب إرادة قوية، وعزيمة صادقة، وتضحيات جسيمة. علينا أن نؤمن بأننا قادرون على تجاوز محنتنا، وأن نبني مستقبلاً مشرقاً يليق بتاريخنا وحضارتنا.