الشيخ حازم عامر يوضح مراحل بناء المسجد الأقصى
قال فضيلة الشيخ حازم عامر إن قلوب المسلمين تهفو وتتطلع أبصارهم إلى القدس الشريف دائمًا عبر العصور الإسلامية، وكان القدس الشريف قِبلة المسلمين الأولى، يتَّجهون إليه في الصلاة منذ فرضها الله في ليلة الإسراء والمعراج قبل الهجرة.
وأضاف الشيخ حازم عامر أنه ظل قِبلتهم بعد الهجرة بوقت قارب عامًا ونصف العام، ثم أوحى الله عز وجل إلى رسوله الكريم في ليلة النصف من شعبان، أن يُولي وجهه شطر المسجد الحرام، وأن يولي المسلمون وجوهَهم شطره أينما كانوا.
وقد تميَّز المسجد الأقصى بمكانة عظيمة في الإسلام، فهو ثاني مسجدين وضعهما الله في الأرض لعبادته.
فحينما سأل أبو ذر الغفاري رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول مسجد وضِع في الأرض، فقال:
المسجد الحرام، ثم المسجد الأقصى .
وقال النبي عليه الصلاة والسلام :
لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد :
المسجد الحرام ، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى.
والله عز وجل عرف المسجد القدس بأنه: {الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ }.
ويؤكد الشيخ حازم عامر أن الصلاة داخل هذا المسجد تعادل خمسمائة صلاة في غيره، فمن دخل الأقصى فأدَّى الصلاة؛ سواء تحت شجرة من أشجاره، أو قبَّة من قبابه، أو فوق مصطبة من مصاطبه، أو في داخل قبة الصخرة، أو الجامع القبلي - فالأمر فيه سواء، ولا فرق في الصلاة في أي مكان في المسجد، والفضل فيه كله .
وقد اشتَهر بين الناس أن مَن أدَّى صلاة في المسجد الأقصى المبارك، كان كمن أدَّى خمسمائة صلاة فيما سواه عدا المسجد الحرام والمسجد النبوي.
وذلك اعتمادًا على الحديث النبوي الشريف الذي رواه الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة .
وهذا الحديث ضعيف عمومًا، وأصحُّ ما ورد فيه أن الصلاة في المسجد النبوي أفضل من أربع صلوات فيه، ولنِعَم المصلى هو، دون تحديد مضاعفة الصلوات فيه، أو في المسجد الحرام، أو المسجد النبوي الشريف.
المسجد الأقصى ثاني مسجد وضِع في الأرض بعد المسجد الحرام.
ودليل ذلك ما رواه البخاريُّ عن أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه قال: قلت: يا رسول، أي مسجد وضِع في الأرض أولُ؟
قال: المسجد الحرام قال: قلت: ثم أي؟
قال: المسجد الأقصى قلت: كم كان بينهما؟
قال: أربعون سنة، ثم أينما أدركتْك الصلاة فصلِّ، والأرض لك مسجد.
والأرجح :
أن أول من بناه هو آدم عليه السلام، اختط حدوده بعد أربعين سنة من إرسائه قواعدَ البيت الحرام بأمرٍ من الله تعالى، دون أن يكون قبلهما كنيس أو كنيسة أو هيكل أو معبد.
وكما تتابعت عمليات البناء والتعمير على المسجد الحرام، تتابعت على الأقصى المبارك، فقد عمَّره سيدنا إبراهيم حوالي عام 2000 قبل الميلاد، ثم تولَّى المهمة ابناه إسحاق ويعقوب عليهما السلام من بعده ، كما جدد سيدنا سليمان بناءه حوالي عام 1000 قبل الميلاد.
ويستدل على ذلك بالحديث النبوي الشريف الذي رواه عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
لَمَّا فرغ سليمان بن داود من بناء بيت المقدس، سأل الله ثلاثًا :
حُكمًا يصادف حُكمه ، ومُلكًا لا ينبغي لأحدٍ من بعده ، وألا يأتي هذا المسجد أحدٌ لا يريد إلا الصلاة فيه ، إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمه.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
أما اثنتان فقد أُعطيهما، وأرجو أن يكون قد أُعطي الثالثة .
وعندما تمكن المسلمون من فتح بيت المقدس عام (15 هـ / 636م) قام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ببناء الجامع القبلي ، ثم بُنيت قبة الصخرة المشرفة في عصر الدولة الأموية ، وأُعيد بناء الجامع القبلي على هيئة ضخمة مميزة ، واستغرَق هذا كله قرابة 30 عامًا من (66-96هـ / الموافق 685-715م).