قِبلة العشَّاق : للشاعر راضى على الطهطاوى
يا نهرَ طُهرٍ قد تجلى نبعُهُ
يا قبلةَ العشاقِ والمشتاقِ
يا عشقَ روحي وارتياحَ جوانحي
من شهْدِ مائٍك ضحكةُ الأوراقِ
جئنا بشطك والطبيعةُ حولنا
غابت همومٌ من حشا الأعماقِ
يا نيلُ جئتك والفؤادُ بلهفةٍ
والشمسُ تبهرُ نظرةَ الأحداقِ
يا صفحةَ النيلِ البهىِّ ببسمةٍ
طابت عيونٌ بالرُؤى وتلاقي
ولكَم أتيتك كي أهيمَ بخلوتي
فهواءُ شطِّك بسْمتي ومذاقي
اهفو لوجهك باللقاءِ كأنَّما
يهفو فراتٌ لقربكم بعراقِ
أهوى الجلوسَ مع النسيمِ بقصةٍ
فالنيلُ أمسى صُحبتي ورفاقي
يا راحةَ الروح إذ تهيمُ بمنظرٍ
هذي النوارسُ والطيورُ تراقصت
فوق المياه بهمسها الرقراقِ
هبَّ الحنينُ بقلبنا الخفَّاقِ
يا صفحةَ النيل الضحكوك ببهجةٍ
رمزُ الخلودِ مقدَّسٌ بوثاقِ
وترى المراكبَ كالنجومِ تلألأتْ
كضياءِ بدرٍ بالسنى البر اقٍ
يا نبعَ خيرٍ ولشباك برزقِها
طابت بنيلٍ نعمةُ الأرزاقِ
والبدرُ يرسلُ بالسلام شعاعهٌ
لمَسَ المياهَ بقبلةٍ وعناقٍ
تحلو والمناظرُ والمشاهدُ إذ ترى
دمعً الغروبِ وبسمةَ الإشراقِ
با نبع طهر والزلال بشهده
خلب الرؤى بجماله الخلَّاقِ
بضفافِ نيلٍ والهدوءُ إذا ترى
نلقى الدواءَ لسهدنا الأرَّاقِ
عذب المذاقٍ اذا أتيتً تزورهُ
رقَّ الفؤادُ بحسهِ الذوَّاقِ
يا صفو ماءّ إذ تهادى سيرهُ
تجري الزوارقُ خفةً بسباقِ
جئنا لنيلٍ والغرامُ يهزنا
نهفوا لذكرى من ندى الأشواقٍ
يا ملتقى الأحبابِ يا ركنَ الهوى
ها ذكرياتي ولُقيتى وفراقي
يا أيُّها النيلُ المُبجًّلُ فى الورى
عبْر الزمانِ بطُهرةِ الأعراقٍ
يا مُلهمَ الأشعارِ رقةَ حسنِها
طوبى لمصرَ بنيلِها الدفَّاقِ