رقية محمد علي تكتب ....." دمعة امل "
خرج من بيته الصغير- ولو قلنا كوخه لكنا منصفين- باكرا قبل بزوغ الشمس؛ ليصطف مع قرناء الطريق، وكأنه طابور عرض صباحي اعتاده طيلة حياته أوسوقا للرقيق بانتظار من يُثمن وإن كان حال سوق الرقيق أكثر انصافا من حالهم هذه ،مترقبين وصول أحدهم للمعاينة واختيار الأصلح للعمل، ظل كثيرا حتى انتصفت الشمس وأصاب رفاقه الملل والفتور وخيم عليهم اليأس،لكنه ظل صامدا في مكانه لم يتزحزح عل الله يرسل له من يأخذه للعمل،انصرف الجميع منكسي رُءُوسِهِمْ ،أما هو فقد اتخذ من الحائط متكئا له ممسكابأدواته الخاصة به كمن يمسك بسيفه في معركة ضروس لا يمكنه الهروب منها إلا بالحسم إما نصر أو هزيمة.
صوت ابنه يتردد على مسامعه كصوت السياط على جلده ،قبل أن يخلد للنوم جائعا قال له:أبي في الصباح سنأكل الخبز أليس كذلك؟انسكبت دمعة من إحدى عينيه على خده راح يواريها مسرعاقبل أن يلمحها أحد فيشعر بضعفه وهوانه، دلَفتِ الشّمسُ إلى المغيب،فلا مفر من العودة،حمل أدواته منصرفا متيقنا من عدم مجئ أحدهم .
دلف الرجل نحوبيته ،تمهل قليلا قبل أن يطرق الباب،بم سيخبر صغيره؟لكنه مهما قبع أمام الباب حتما سيطرقه، طرقه رويدا ...فُتح الباب ...حملق بعينيه ليرى مَن أمامه إذ هي زوجته ترحب به باسمة، تساءل عن الصغير أين هو فأخبرته زوجته أن جارة لها استدعته هو وبقية الرفاق للأحتفال بعيد ميلاد ابنها، هنا خر ساجدا شكرا لله لأنه لم يكسره أمام ابنه!
٠