محمد ابو العجب يكتب ..ذوي الإعاقة ما بين الفراعنة و المدينة الفاضلة
اختلف التعامل مع الاشخاص ذوي الاعاقة في العصور القديمة مابين قمة الرقي في الدمج الي أقصي درجات التعسف و القهر .... فكان المصرى القديم أول من عمل علي دمج الأشخاص ذوي الإعاقة بالمجتمع و أتاح أمامهم جميع الفرص من دمج و تهيئة و إتاحة فتولوا مناصب مهمة بالدولة المصرية و لم تكن الاعاقة حاجز عن تولي اهم المناصب و منهم ملوك أو كما كانوا يطلقون عليهم الإله و منهم ملوكا مشاهير جدا و أغلبنا لا يعلم أنهم من الأشخاص ذوي الإعاقة
فهناك الملك الشهير توت عنخ أمون الذى كان يعانى مشكلة فى أحد الأطراف السفلية وقد عثر فى مقبرته على أكثر من 100 عصا مختلفة الأشكال وكان دائما يصور جالسا حتى وهو يصوب الرمح
كذلك الملكة الشهيره حتشبسوت التى كانت أول سيدة فى العالم ترتدى القفازات المطعمة بالأحجار الكريمة وعندما تم الكشف عن المومياء الخاصة بها وجدت أنها تعاني من إعاقة في أصابع إحدى يديها فكانت ترتدى القفازات لهذا السبب
و الملك سيبتاح الذى كان أحد أحفاد الملك رمسيس الثاني وحكم مصر أواخر الأسرة19 لمدة سبع سنوات وكان يعانى من قصر فى قدمه اليسرى نتيجة شلل أطفال مما جعله يعرج أثناء المشى
فالدولة المصرية منذ نشأتها الأكثر التزاما بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والإهتمام بقضية الإعاقة إمتد إلي شتي مناحي الحياة و جميع فئات المجتمع و ليس الملوك أو الصفوه فقط
حيث سجلت بردية أيبرس الطبية من القرن16 ق.م معالجة أحد الأشخاص من ذوي الإعاقة السمعية كما وصفت حالات مرضية فى الأعاقة الذهنية وعلاجها
كما توجد مومياء من العصور القديمة من الفيوم لفتاة تعرضت لهجوم من تمساح و التهم ساقيها وظلت حية لعدة شهور وعندما ماتت قام المحنطون بعمل أطراف صناعية لها من الخشب و ذلك تقديرا لحقها في ممارسة حياة طبيعة بعد البعث الذي كانوا يؤمنون أن الأموات تعبث بنفس حالة الوفاة
وقد تم دمج الأشخاص ذوي الاعاقة بالمجتمع في الأعمال التي تتناسب مع الإعاقة فهناك العازف من ذوي الاعاقة البصرية الذى يظهر فى معظم الحفلات و تم تسجيل ذلك علي الكثير من جدران المعابد و الكاهن الشهير سنب هو من قصار القامة والاقزام و برغم ذلك شغل العديد من المناصب فكان رئيس موظفي القصر الملكى و كان المشرف على العناية بالملابس الملكية ودفن فى قبر فخم قرب هرم خوفو وقد تزوج سنب من الكاهنة سينينتس أو سنت وكانت ذات قوام جميل و رشيق و ليست من الأشخاص ذوي الاعاقة و لهما تمثال شهير بالمتحف المصري يظهر فيه جالسا وبجواره زوجته تضع يديها علي كتفة وعلى وجهها ابتسامة رضا تعبر عن فخرها بزوجها،وتحت قدم سنب و زوجتى صور ولد وبنت لهما
... كل ذلك كان يقدم لصالح الأشخاص ذوي الاعاقة بالدولة المصرية و علي النقيض فقد جاورت مصر في ذات العصور حضارات كانت تتعامل مع الاشخاص ذوي الاعاقة علي أنهم فئة شاذة وفقا لقاعدة البقاء للأصلح
فكانوا ينظرون للأشخاص ذوي الاعاقة علي أنه أصابهم نوع من مس الجن واستخدمهم السحره لفلك السحر أو يتم التخلص منهم بطرق بشعة أو أن وجودهم كان بسبب غضب الآلة
فقد شهدت حضارات روما وإسبارطة معاناة الأشخاص ذوي الاعاقة من الإضطهاد والإزدراء والإهمال نتيجة للمعتقدات الخاطئة التي كانت سـائدة فكان ينظر لذوي الاعاقة البصرية كظلام والظلام شر و ذوي الاعاقة الذهنية هو الشيطان أو تقمصهم الشيطان والأرواح الشريرة
ولم يقتصر الأمر على هذه المعتقدات و الخرافات بل أن تراث الإغريق وفلسفتهم ونظرتهم للحياة الإجتماعية وقوانين (ليكورجوس) الإسبرطي و(سولون) الأثيني كانت تسمح بالتخلص ممن بهم مشكلة جسمانية وأعلن (افلاطون) و(أرسطو) دعمها لمثل هذه الأعمال لأنهم فئة تشكل عبئا على المجتمع فالحضارة الإغريقية بما كانت تملكة من آليات عسكرية و قوة و نفوذ الا انه لم تقدم أية رعاية للأشخاص ذوي الاعاقة وكانت نظرتها لهم بإزدراء وإحتقار
بل إن أفلاطون لم يكتفي بذلك بل رأي إخراجهم من الدولة الفاضلة أو المدينة الفاضلة التي تضرب بها الأمثلة الان و نتمني جميعا العيش فيها دون أن نعلم أنها مدينة فاضلة للاقوي فقط فكان وجه نظره الكارثية أن وجود الأشخاص ذوي الاعاقة يعيق قيام الدولة و يستنزف من قوتها و طاقتها تجاة أناس ليس لهم أي فائدة أو يكونوا عائق في القوة العسكرية و كان يتم التخلص من الأطفال من ذوي الاعاقة عن طريق قتلهم بطرق مختلفه للمحافظة على نقاء العنصر البشري في جمهوريته السوداء
أما في اسبرطة فقد تجبروا و طغوا علي الأشخاص ذوي الاعاقة فكانوا يحملوا الطفل بعد مولده مباشرا إلى شيخ القبيلة أو أكبر أفراد القبيلة سنا و يتم فحصة فإذا ما وجدوه قوي الجسم سليم البنية متناسق العضلات والتكوين أمروا بتربيته وتعليمه فنون القتال و تقديم الرعاية الكاملة له أما في حالة ضعف الطفل أو يعاني من مشكلة صحة أو عيب خلقي فقد كان يلقى به في مكان بقاع الجبل لأنه يمثل عبئا على القبيلة و تعددت طرق التخلص من ذوي الاعاقة بالقائهم فى البحر أو بتركهم فوق الجبال فى الصحراء حتي يلقوا حتفهم
وكان أحد القوانين الملزمة في بعض الحضارات ينص على التخلص من الأطفال ذوي الاعاقة فكان يتم تعريضهم للبرد القاسى او القائهم فى الأنهار أو فى الإلقاء في الطرقات أو الجبال
حتي في بعض الحضارات العربية قبل نزول الرسائل السماوية كان هناك ممارسات شاذة ضد ذوي الاعاقة و قد تم تسجيل ذلك في بعض الحضارات فمن فأقدم تسجيل لمثل هذه الحالات ما ورد على لوحة فخار اكتشفت في العراق ويرجع تاريخها إلى حوالي ألفي عام قبل الميلاد في عهد آشور بنيبال و تتحدث عن حالات شواذ المخلوقات وما صاحب ولادتها من أحداث اعتبروها نذير شؤم بمقدمها إلى الحياة أو هي دلالة على غضب الآلهة ولهذا كان من عادتهم أن يقتلوا كل طفل يجيء بشيء شاذ في جسمه اي ما كانت نوع الإعاقة و في بعض الأحيان يحكمون بالموت على أمه أيضا ظنًا منهم أن في ذلك إرضاء للآلهة الغاضبة
حتي العرب قبل الإسلام و برغم أنهم لم يفعلوا مثل ما فعل الرومان
٠