في المشمش" .. حكاية فاكهة الأحلام المستحيلة من "قمر الدين" لأمثال المصريين

أخذتنا جارة القمر فيروز في أغنيتها "نام يا والينا نام" لفاكهة المشمش، والحوار الدائم بين الوالي والبطلة قرنفل، حيث يذكر الوالي في ختام أغنيته: "أمي أنا بدي مشمش"،  بينما ذُكر المشمش بكثرة في الأمثال الشعبية العربيةوالفاكهة التي تدخل في صناعة قمر الدين، ضيف دائم على المائدة في شهر رمضان المبارك.

تجود زراعة المشمش في الأراضي الصفراء والسوداء، بشرط أن تكون منخفضة المنسوب المائي، جيدة الصرف، خالية من الأملاح الضارة، أما بذور المشمش فهي تُزرع في شهر نوفمبر، وتكون الزراعة علي خطوط، يبعد بعضها عن بعض مقدار ٥٠ سنتيمترا، ويُروى المشمش ريًا متوسطًا حتى تُنبت البذور التي تُزهر في مثل هذه الأوقات من العام قبل حصادها النهائي.
ويؤكد الخبراء الزراعيون أن المشمش في الزراعة يحتاج سماد كيماوي في شهر مايو لكى تسمح بحالة التطعيم بعد عام من عمرها، والمشمش عمره قصير في الأسواق بعد طرحه.  

يقول العلامة أحمد أمين في موسوعته "قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية" أن أحد الأغنياء فقد ثروته كلها، ولم يجد مكانًا يذهب له سوى أحد الفقراء، وفي البيت الفقير اشترى في أول يوم مشمش لأولاده وزوجته، فقام الرجل الذي كان غنيًا بأكل 3  مشمشات منهم، وبقس مشمش كثير للزوجة والأولاد، وثاني يوم اشترى الرجل الفقير عنبًا وعزم على الرجل الذي كان غنيا، فأخذ الرجل يأكل عنقود وراء الثاني لدرجة أن الفقير خاف أن لا يبق له شيئا له ولأسرته، فقال له باللهجة العامية:"كُل حباية حباية"، فرد عليه الغني، قائلا:"لاااااا ده في المشمش"، حيث أن بذرة المشمش كبيرة، وصعب التهام أكتر من واحدة خلاف العنب، ومنها جاء المثل الشعبي الدارج "في المشمش"، الذي تحول للأغاني والدراما مثل مسلسل "أنا وأنت وبابا في المشمش" تأليف السيناريست الراحل الكبير أسامة أنور عكاشة.

وتشير "المجلة الزراعية" في عددها  الصادر عام ١٩٣٧م ، أن المشمش يحتاج طريقة معينة في النقل لزراعة أشجاره، أما البستان الذي يُزرع فيه المشمش فيجب أن يُجهز من حيث الحرث مرتين أو ثلاثة وتسويته، وإعداد نقر الأرض على مسافة مابين ٦ لـ٧ أمتار بين الشجرة والأخرى، كما يجب أن يتم النقر على خطوط مستقيمة حتى يسهل إجراء العمليات الزراعية مثل: الري، ومقاومة الآفات، وكذلك جمع المحصول، وبعد أن توضع الأشجار في مكانها يتم ملء الحفر بالطمي المخلوط بالسماد البلدي الجيد، ثم تُروى بعد ذلك رية غزيرة، ويجب الاعتناء بالتقليم في الأشجار، وكذلك في التربة.

وهناك أنواع وأجناس عديدة للمشمش في دول الوطن العربي، وبالأخص في سوريا، ولبنان، وتونس، وفلسطين.

 وفي مصر يعد أصناف العمار والحمودي وبذرة من أشهر الأنواع، إلى جانب بعض الأجناس الأجنبية الذي تعتبر شجرته من الأشجار المعمرة، حيث تعيش ٩٠ سنة في بعض الأراضي.

 وتضيف "المجلة الزراعية" بأن الري يختلف باختلاف التربة في زراعة المشمش ، وكذلك حالة الجو والمناخ، وتتراوح المدة بين الرية والرية من نصف شهر لعشرة أيام، ويجب عدم ري المشمش في وقت صيامها في الشتاء في المدة مابين نوفمبر حتي شهر يناير؛ لأن المشمش في الشتاء يكون في دورة راحة، كما أن وجود المياه في التربة يُصيب المشمش بالتصمغ والدرن جراء إصابتها بالديدان الثعبانية، خاصة إذا كانت الأرض سوداء، ويجب أن تعطى الرية الأولي وهي "المُحاياه" في أوائل شهر فبراير قُبيل ازدهار الثمار، أما الرية الثانية فتعطى عند انتهاء التزهير ويكون خلال شهر مارس

وتؤكد "المجلة الزراعية" أن المشمش يحتاج للسماد البلدي، كما يحتاح للسماد الكيماوي، مؤكدة أن كثرة الري تُصيب المشمش بالآفات، كما تُصيب الثمار ذبابة الفاكهة؛ لذا من النصائح رش الثمار قبل نضج المحصول مرة أو مرتين بمحلول فلوسيكات الصوديوم، ويتم طرحه في الصيف.

ويحتوي المشمش على الكثير من المعادن والفيتامينات، مثل فيتامين A وفيتامين  C وفيتامينE ، والبوتاسيوم، والنحاس، والمنجنيز، والماغنيسيوم، والفوسفور، كما أنه مقوي للمناعة من الأمراض، كما تفنن الإنسان في صنع العديد من أنواع الحلوى التى يدخل فيها المشمش.

وإلى السينما، فقد مثلت شخصية "مشمش أفندي" بطولة فيلم "مافيش فايدة"، ويؤكد أحمد الحضري في كتابه "تاريخ السينما في مصر"، أنه في عام ١٩٣٧م انتهي الفنان فرانكل وأولاده من اتمام فيلم من الرسوم المتحركة اسمه "مافيش فايدة"، وقد تم عرضه تكملة لبرنامج عرض فيلم "ليلي بنت الصحراء"، وقد تم عرض فيلم الرسوم المتحركة باسم "حلم الفلاح" بطولة حبوب وحبوبة، الشخصيتين الكرتورنيتين، ليكون ثاني فيلم رسوم متحركة في مصر، بعدها تم عرض فيلم "مصر المسحورة" من إنتاج روبير طمبا عام ١٩٣٧م.