العنف المدرسي بقلم نبيله عبدالفتاح
أن العنف أصبح مشكلة خطيرة في كثير من البلدان وهذا يشمل العنف بين طلاب المدارس، وكذلك اعتداءات الطلاب جسديا على المدرسين و موظفي المدرسه .
وتعددت النظريات بشأن عدوانية الأطفال، فبعضها يلقي اللوم على التربية المنزلية، ويري آخرون هذا الأمر أنه يرجع إلى البيئة المحيطة من أصدقاء وأقارب، وهناك إجماع على أن الأطفال العدائيين لم يولدوا بهذه الحال. ولكن إذا أدركنا حجم هذه المشكله وتم علاجها من جذورها مبكراً فإن سلوك الأطفال العدواني يكاد يختفي .
ويواجه معلمي المدارس الابتدائية في المدرسة أطفالاً شديدي العدائية، يتعاملون بعنف مع زملائهم في الفصل و مظاهر هذا العنف تتنوع بين الضرب والإيذاء والتنمر وتخريب مقتنيات زملأءهم أو اخفائها وهؤلاء الأطفال "العدائيين" يمثلون تحدياً حقيقياً لمعلميهم داخل المدرسة، فهم يشيعون جواً من الخوف داخل الفصول الدراسية، ويثيرون القلق والإزعاج لبقية زملائهم، وتعتبر هذه السلوك العدواني نذيراً لظهور مشكلات في حياة هذا الطفل خلال مرحلتي البلوغ والمراهقه.
والمعلمين بما لديهم من خبره واسعه في التعامل مع هذه المرحله الصعبه من حياة الأطفال ، يجب عليهم أن يقوموا بتحليل كل الأسباب المحتمله وراء هذا السلوك العنيف ، فعليهم مناقشة سلوكيات التلميذ "العنيف" مع المرشد الطلابي والأخصائي الإجتماعي في المدرسة لمعرفة أوضاعه الأسرية والتواصل مع الوالدين إذا تطلب الأمر ذلك .
ومن الملاحظ ، بل ما يبعث علي الحزن أن غالبية الأطفال العدوانيين يعيشون أوضاعاً عنيفة داخل أسرهم، ويتعرضون للتعنيف من الوالدين أو ممن يقومون علي رعايتهم.
وغالباً أوضاع الاطفال الأسرية المشحونة بالخلافات والأجواء المتوترة يجعلنا نؤمن أن العنف لا يولّد إلا مزيداً من العنف .
أجواء المدرسة أحيانا تجعل من بعض الصغار كائنات عنيفة في ظل تسلط الكبير على الصغير، الذي يتخذ أشكالا عديدة منها اسلوب النبذ أو عدم السماح للتلميذ الجديد بالاندماج في جو الصف، بحيث يبقى معزولا محتقرا من قبل الشلل المشاغبة والمتسلطة.
تلعب الظروف الحياتية الصعبة دوراً لا يستهان به في تحويل الحياة المدرسية الى كابوس بالنسبة لمن يعيش في الاصل اوضاعاً حرجة كأن يعاني من الفقر أو اليتم، أو عاهة، أو من السمنة وغيرها .
أسباب عنف الاطفال في المدارس
هناك أسباب عديده للعنف ومن أبرزها :
1) أسباب أسرية :
أ - وسائل الرفاهية الزائدة التي أصبح الأهل يوفرونها للطفل بسخاء، لا سيما اذا عاش الاب أو الام حرماناً في فترة من فترات حياتهما.
هذه الرفاهيه المبالغ فيها تضر بمناعة الطفل النفسية وصلابة شخصيته وتحد من قدرته على مواجهة الحياة. فتحولي الطفل إلي كائن هش لا يقوي علي مواجهة المشكلات .
ب - الرعاية الزائدة والسعي لتجنيبه الالم ، يتسبب في تحويل الطفل الى كائن اتكالي عاجز عن الشعور بمسؤوليته لحماية نفسه ومواجهة مشاكل الحياة.
و خصوصا في حالة سفر الوالد، أو لأن الوالد عاجز أو مريض أو ضعيف أو عاطل عن العمل . مما يولد لدي الطفل شعور بالنقص في بنيته النفسيه
و تُساهم البيئة المنزليّة بدرجة أولى في حدوث العنف المدرسيّ بين الطلاب، فما يتعرض له الطفل من ظروف داخل المنزل، تؤثّر بشكل كبير على سلوكياته، وشخصيته، فالعنف الأسري يزيد من نسبة ممارسة الطفل للعنف بين زملائه .
2) أسباب مجتمعية :
يُعدّ المجتمع أحد أسباب حدوث العنف المدرسي فقد تزداد العدوانية لدى أطفال المدارس بكثرة، وذلك بسبب تعرض الأطفال للعنف المجتمعي والذي انتشر بشكلٍ كبير ويؤثر علي سلوكيات الأطفال في المدرسه . فالمجتمعات التي يرتفع فيها نسبة مُتعاطي المُخدرات وتزداد فيها الجريمة، تعدّ أكثر عرضةً للممارسة السلوكات العنيفة بين التلاميذ بل وعلى المعلمين ايضاً .
و من العوامل التي تزيد العنف في المدارس ؛ الفقر، والكثافة السكانية .
3) أسباب سلوكية :
مثل الخجل الذي يَمنع المراهقين من الاندماج مع زملائهم وكذلك القلق الاجتماعي، فيصبح بعضهم مُتمرّداً لكونه يَرغب في جذب الانتباه لديه، أو رغبة منه للانتقام بسبب المواقف التي تعرّض فيها للسخرية أو التنمّر، ومن الأسباب التي تؤدي لممارسة العنف القلق بشأن المُستقبل والإجهاد المرتبط بعدم الشعور بالحنان والإهتمام داخل المنزل .
4) وسائل الإعلام المختلفه :
والتي ثؤثر بشكل كبير علي نشر السلوكيات العدوانيه بين الأطفال بأنواعها المختلفه من ألعاب الفيديو والبرامج التلفزيونية العنيفة والمسلسلات التي تأصل لفكرة أن البلطجي محبوب بين الناس وأن الجميع يحرص علي كسب وده ورضاه .
ازاء هذه الاوضاع هل يستطيع الأهل مساعدة اولادهم لتجنبهم المعاناة وتبعاتها، إذ قد يتحول الضحية في بعض الاحيان إلى محترف ماهر في ايذاء الآخرين، وهو ما يعتبر رد فعل مباشرا على ما يتعرض له، وذلك خلال المرحلة الانتقالية بين الطفولة والمراهقة؟
هذا ما سوف نتناوله في المقال القادم بإذن الله.