18:10 | 23 يوليو 2019

عبدالحى عطوان يكتب : حين تتحول الوصاية إلى صراع وتمييز وإدانة

11:52am 20/12/25
عبدالحى عطوان
عبدالحى عطوان

ما نراه اليوم في كثير من الوقائع المتداولة على مواقع التواصل، ليس أحداثًا معزولة ولا مشادات عابرة، بل تعبير واضح عن أزمة أعمق يعيشها المجتمع. أزمة تتجسد في صراع مستمر بين حق الفرد في الخصوصية وبين فكرة الوصاية المجتمعية التي يصرّ البعض على ممارستها باعتبارها واجبًا أخلاقيًا أو حقًا مكتسبًا.خاصة ضد النساء وصغار السن وقد تتخطى تلك الوصاية حدودها إلى التمييز العنصرى والدينى 
هذا الصراع يظهر بوضوح في المساحات العامة، حيث يشعر بعض الأفراد—خصوصًا من الأجيال الأكبر—بامتلاك سلطة لتقييم سلوك الآخرين، وخصوصًا النساء، من حيث المظهر أو الحركة أو طريقة الحديث. مثلما حدث من قبل فى آلاف الوقائع في المقابل، يتمسك الجيل الأحدث بفكرة أن الاحترام الحقيقي لا يعني التدخل، بل الاعتراف بالمساحة الشخصية وترك حرية الاختيار.
ولا يقل خطورة عن الفعل ذاته ما نراه في تعليقات بعض الناس التي تنحاز تلقائيًا إلى صاحب الوصاية، حتى وإن كان متجاوزًا أو مخطئًا. تعليقات تُطلق الاتهامات جزافًا، وتوزّع الأحكام بلا معرفة مسبقة بالحقيقة، ولا تحرٍّ للضمير، بل أحيانًا في تعارض واضح مع جوهر الشرع والدين الذي يقوم في أساسه على العدل، وعدم القذف، وحسن الظن، ودرء الاتهام. فالدين لم يمنح أحدًا صك الوصاية على الناس، ولم يُجز التشهير أو إصدار الأحكام الأخلاقية دون بينة.
المشكلة لا تتوقف عند حدود الاختلاف في وجهات النظر، بل تتفاقم عندما تتحول الوصاية إلى اتهام، ثم إلى تبرير للتجاوز، تحت مظلة ما يُعرف بثقافة «لوم الضحية». عندها، ينتقل النقاش من إدانة الفعل الخاطئ إلى البحث عن مبررات له، وكأن الاعتداء يمكن أن يصبح رأيًا، أو السلوك الخاطئ نصيحة.
في مثل هذه الأجواء المشحونة، ومحاولة البعض تقييم سلوكيات المجتمع من وجهة نظره وثقافته وتعليمة وتربيته دون النظر إلى. الآخر يصبح رد الفعل الحاد أو اللجوء إلى التوثيق أو التصوير وسيلة دفاع، لا رغبة في التصعيد. فالشعور بالتهديد داخل مساحة عامة مغلقة يولّد خوفًا مشروعًا، خاصة حين يغيب الإحساس بالأمان القانوني أو المجتمعي.
الخلاصة..ما نراه اليوم وآخرهم واقعة فتاة المترو والمسن ليس واقعة فردية، بل صراعًا ممتدًا بين حق الفرد في الخصوصية وفكرة الوصاية المجتمعية، صراع لا يُحسم إلا بإعادة تعريف مفهوم الاحترام وحدود التدخل، والاحتكام إلى القانون لا إلى الأحكام المسبقة. وحده القانون، لا الأهواء ولا الموروثات الخاطئة، القانون قادر على تنظيم العلاقة بين الناس وحماية الجميع دون تمييز.
 

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum