18:10 | 23 يوليو 2019

وثيقة مسربة تثير الجدل حول تفاهم سوداني إثيوبي بشأن سد النهضة وكواليس التوقيت والأهداف

10:55pm 19/12/25
صوره ارشيفيه
ايمن بحر

أثارت وثيقة مسربة جدلا واسعا بعد تداولها إعلاميا حيث تزعم وجود تفاهم فني سرى بين السودان وإثيوبيا حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة وهو ما فتح بابا واسعا من التساؤلات والاتهامات ومحاولات التشكيك في الموقف السوداني تجاه مصر

 

الوثيقة التى جرى الترويج لها خلال الأيام الماضية قلبت المشهد وأشعلت النقاش حول طبيعة العلاقة بين القاهرة والخرطوم خاصة مع تصاعد دعوات لإعادة تقييم الدعم المصري للسودان وربط ذلك بما ورد في الوثيقة المتداولة

 

أهمية ما يتم تداوله لا تنفصل عن التوقيت الذي خرجت فيه هذه التسريبات حيث تتزامن مع زيارة الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني إلى القاهرة وهو ما يفرض قراءة أعمق تتجاوز العناوين المثيرة والضجيج الإعلامي

 

بحسب ما نُشر فإن الوثيقة تتعلق بإطار فني للتنسيق بين السودان وإثيوبيا حول تشغيل سد النهضة وقد جرى توقيعها في أكتوبر عام 2022 وتعتبرها أديس أبابا أول اتفاق مكتوب ينظم القواعد الفنية بين البلدين بعيدا عن المسار التفاوضي الثلاثي الذي يضم مصر

 

وتشير التقارير إلى أن هذا الإطار يتضمن التزاما بالملء التدريجي خلال موسم الأمطار وتحديد مستوى التشغيل الدائم للسد بين منسوبين معينين مع وضع حدود للتخزين وهو ما حاولت إثيوبيا تقديمه كدليل على وجود توافق مع السودان

 

غير أن الحقيقة الثابتة أن الاتفاق الرسمي الوحيد المعترف به بين الدول الثلاث هو إعلان المبادئ الموقع في الخرطوم عام 2015 وهو الإطار القانوني الوحيد الذي تستند إليه مصر في تحركاتها الدبلوماسية والقانونية

 

تحليل الوثيقة يطرح علامات استفهام كبيرة حول مدى صحتها وسياق توقيعها إن صحت فالسودان في تلك الفترة كان يمر بمرحلة سياسية وأمنية معقدة وهو ما يضعف من قدرته على تمرير اتفاقيات مصيرية بهذا الحجم ويجعل احتمالات الضغط والاستغلال قائمة بقوة

 

كما أن التجربة العملية أثبتت أن إثيوبيا تسببت بسوء إدارتها للسد في أضرار مباشرة للسودان شملت فيضانات غير مسبوقة وتعطل منشآت مائية وإغراق مساحات واسعة من الأراضي وهو ما يتناقض مع فكرة وجود شراكة حقيقية متوازنة

 

الموقف المصري لم يتغير حيث ترفض القاهرة أي إجراءات أحادية سواء من إثيوبيا أو غيرها وتتمسك بالقانون الدولي وبحقوقها التاريخية في مياه النيل وتؤكد أن أى تفاهم ثنائي لا يمكن أن ينتقص من حقوق دولة مصب رئيسية تعتمد على النيل في وجودها

 

وحتى فى حال ثبوت هذه الوثيقة فإن أقصى تأثير لها سيكون إعلاميا ودعائيا فى محاولة لدعم الرواية الإثيوبية بأن الخلاف مع مصر وحدها وهو أمر لا يغير من قوة الموقف المصري قانونيا ولا من أدواته الدبلوماسية والأمنية في حماية مصالحه

 

اللافت أيضا أن توقيت إثارة هذه الوثيقة يتزامن مع تحركات إقليمية متسارعة في الملف السوداني ودخول أطراف جديدة تسعى لحجز مقاعد نفوذ سريعة فى السودان الرسمي وهو ما يفسر محاولات ضرب الثقة بين القاهرة والخرطوم وتقليص الدور المصري المتجذر تاريخيا

 

مصر كانت على دراية بتذبذب الموقف السودانى فى فترات سابقة لكنها تعاملت معه باعتباره ناتجا عن سوء تقدير للملف وليس عداء للقاهرة ومع تطور الأحداث أدركت الخرطوم أن الموقف المصرى هو الأكثر اتساقا مع مصالحها الحقيقية

 

اليوم ومع وصول الفريق البرهان إلى القاهرة تفتح ملفات عديدة بعيدا عن الضجيج وسيكون للكواليس حديث آخر فى توقيت لاحق

 

ويبقى التساؤل مطروحا إن صحت هذه الوثيقة لماذا انتهج السودان في تلك المرحلة سياسة مزدوجة لا تخدم مصالحه ولا تخدم أمنه المائي ولا تصب فى صالح شراكته الاستراتيجية مع مصر

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum