على حافة الواقع حيث تختبر الحقيقة صبر الناس
في لحظات غير متوقعة يقف الواقع فجأة امام الناس بلا تمهيد ولا مقدمات ليختبر صبرهم ووعيهم وقدرتهم على الفهم وسط ضجيج الحياة اليومية التي اعتادوا المرور بها دون توقف فالواقع حين يقرر ان يتكلم لا يحتاج الى صخب لكنه يفرض حضوره بقوة لا يمكن تجاهلها في الشارع وفي البيوت وفي الوجوه التي تتغير ملامحها بين دهشة وقلق وتساؤل صامت نعيش في زمن تتسارع
فيه الاحداث وتتشابك التفاصيل حتى يصبح من الصعب التفرقة بين ما هو عابر وما هو مصيري لكن هناك وقائع تخرج فجأة من اطار الخبر العادي لتتحول الى مرآة تعكس علاقتنا بالحياة وبالامان وبالمسؤولية وقائع لا تطلب التعاطف فقط بل تطلب الفهم ولا تبحث عن اللوم بقدر ما تبحث عن الوعي الانسان في قلب هذه الوقائع ليس مجرد رقم ولا شاهد صامت بل هو جوهر الحكاية كلها
يحمل داخله خليطا من الخوف والاعتياد والامل الخوف من لحظة لم تكن في الحسبان والاعتياد على مفاجآت تكررت حتى صارت مألوفة والامل في ان يكون الغد اكثر رحمة واقل قسوة هذه المشاعر تختلط داخل النفس البشرية لتكشف هشاشة الحياة وقوتها في وقت واحد المكان ايضا لا يبقى كما كان فالشارع الذي اعتاد الحركة اليومية يتحول فجأة الى مساحة تفكير والبيوت التي كانت
مجرد مأوى تصبح رمزا للطمأنينة المهددة والارصفة التي حملت خطوات المارة تحمل فجأة ثقل الحدث وتصبح الذاكرة الجمعية اكثر يقظة تحفظ التفاصيل وتعيد سردها دون صوت لكنها لا تنساها وسط هذا المشهد يطفو سؤال عميق لا يخص واقعة بعينها بل يخص المجتمع كله كيف يمكن تحقيق التوازن بين التطور والامان بين السرعة والحذر بين الحركة الدائمة وحق الانسان في
السلامة هذا السؤال لا يبحث عن اجابة سريعة ولا عن ردود وقتية بل عن رؤية طويلة المدى تجعل الانسان في قلب التخطيط لا على هامشه الوعي المجتمعي في مثل هذه اللحظات يظهر في ابسط صوره حين تتقارب المسافات بين الناس وحين تتحول المساندة من فكرة الى فعل وحين يدرك الجميع ان الخطر لا يختار ضحاياه وان السلامة العامة ليست ترفا بل ضرورة لا تقبل التأجيل ولا
المساومة وهنا تتقدم الكلمة المكتوبة لتأخذ دورها الحقيقي لا كناقل للحدث فقط بل كمساحة للفهم والتأمل كجسر يربط بين الواقع والعقل وبين ما حدث وما يجب ان يحدث لان الكلمة حين تكتب بصدق تصبح اداة وعي وبناء لا وسيلة ضجيج ولا مادة استهلاك عابر ومع مرور الوقت تتحول هذه الوقائع الى علامات في الذاكرة العامة ليست لانها كانت الاكثر صخبا بل لانها كانت الاكثر
قدرة على كشف ما تحت السطح وعلى طرح الاسئلة المؤجلة وعلى تنبيه المجتمع الى ما يحتاجه من مراجعة وتصحيح مسار تبقى الحقيقة الاوضح ان المجتمعات لا تقاس بعدد ما تمر به من ازمات بل بقدرتها على التعلم منها وعلى تحويل اللحظات الصعبة الى بدايات جديدة اكثر نضجا ووعيا وان كل حدث مهما بدا عابرا يحمل داخله فرصة للفهم وفرصة لاعادة ترتيب الاولويات وفرصة
لبناء مستقبل اكثر امانا وان على حافة الواقع دائما تختبر الحقيقة صبر الناس لكنها ايضا تكشف قدرتهم على النهوض من جديد وعلى حماية انسانيتهم وسط عالم ل
ا يتوقف عن التغير

















