اليوم الذي استيقظ فيه العملاق النائم
فى الثلاثينيات كانت اليابان تواجه أزمة وجودية خانقة أرض ضيقة سكان يتزايدون وموارد تكاد لا تكفى فاختار قادتها العسكريون طريق القوة واعتقدوا أن التوسع هو المنفذ الوحيد للبقاء فبدأت مغامرتهم العنيفة بغزو منشوريا عام 1931 ثم اندلاع حرب شاملة مع الصين عام 1937 وما رافقها من مذبحة نانجينغ التي هزت ضمير العالم وكانت الولايات المتحدة تراقب المشهد وتعتبر نفسها قوة ضامنة للتوازن فى المحيط الهادئ فردت بقطع إمدادات النفط والحديد والصلب عن اليابان وهو ما مثّل خنقا اقتصاديا لبلد يعتمد كليا على الخارج
فى طوكيو جلس الأدميرال ياماموتو إيسوروكو الرجل الذى درس فى هارفارد ويعرف أمريكا جيدا وهو يدرك أن الحرب مع قوة صناعية ضخمة ستكون مغامرة محفوفة بالمخاطر فكتب محذرا قادته بأنه يستطيع منحهم ستة أشهر من الانتصارات فقط ثم يصبح كل شيء غامضا ومع ذلك اختار مقامرة كبرى تقوم على ضربة استباقية ساحقة تعطل الأسطول الأمريكى لإجبار واشنطن على التفاوض
اختار بيرل هاربر القلب النابض لأسطول المحيط الهادئ وفي الوقت نفسه كانت الولايات المتحدة قد نقلت أسطولها من كاليفورنيا إلى هاواي بهدف الردع دون أن تدرك أنها وضعته في مرمى الخطر وفي سرية مطلقة جهز ياماموتو قوة بحرية ضخمة تضم ست حاملات طائرات انطلقت عبر شمال المحيط الهادئ حتى وصلت قرب أواهو دون أن يكتشفها أحد
الأحد السابع من ديسمبر 1941 الساعة السابعة وخمس وخمسين دقيقة كان الصباح هادئا فوق الجزيرة الجنود يشربون قهوتهم والبحارة يرفعون الأعلام فوق البوارج الراسية كجبال حديدية نائمة وفجأة انشقت السماء وهبطت ثلاثمئة وثلاث وخمسون طائرة يابانية كإعصار مفاجئ قاذفات وطوربيدات ومقاتلات زيرو اجتاحت القاعدة في دقائق وتحولت الموانئ إلى جحيم ناري انفجرت البارجة أريزونا في كرة لهب هائلة وابتلعت أكثر من ألف ومئة بحار بينما انقلبت أوكلاهوما وغرقت وسط فوضى مروعة تصاعد دخان أسود كثيف حجب الشمس وسقط آلاف الضحايا في غضون ساعتين فقط حيث قُتل أكثر من ألفين وأربعمئة أمريكي وتضررت أو غرقت معظم البوارج وتحطمت عشرات الطائرات على الأرض لكن المفارقة أن حاملات الطائرات الأمريكية لم تكن في القاعدة ولم تتعرض لأي ضرر وهو ما سيغير مسار الحرب لاحقا
في اليوم التالي وقف الرئيس فرانكلين روزفلت أمام الكونغرس معلنا دخول الولايات المتحدة الحرب بكلمات ستبقى محفورة في التاريخ حين قال إن السابع من ديسمبر يوم سيظل موشوما بالعار ومع هذه اللحظة تحولت أمريكا من دولة مترددة إلى عملاق غاضب مستعد لحرب طويلة
خلال الأشهر الأولى سقطت مستعمرات عديدة في يد اليابان بسرعة لافتة مثل هونغ كونغ وسنغافورة والفلبين وإندونيسيا وحصلت طوكيو على النفط والمطاط والمواد الخام لكنها لم تدرك أن الوقت الذي وعد به ياماموتو قد انتهى فجاءت معركة ميدواي في يونيو 1942 وبفضل فك الشيفرة اليابانية والصدفة العسكرية دمرت الولايات المتحدة أربع حاملات طائرات يابانية كانت هى نفسها التى شاركت فى هجوم بيرل هاربر وهنا بدأ الميزان يميل بقوة
منذ ذلك اليوم تراجعت اليابان خطوة بعد أخرى وخسرت الجزر التي سيطرت عليها حتى وصلت الحرب إلى شواطئها وفي أغسطس 1945 ألقت الولايات المتحدة قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناغازاكي فاستسلمت الإمبراطورية التي كانت تحلم بالسيطرة على آسيا
وهكذا تحولت الضربة التى أرادتها اليابان حاسمة إلى شر



















