هنا نابل بقلم المعز غني
إلى والدي ووالدتي – رحمهما الله ☆☆
اليوم يفيض قلبي بما يفوق الاحتمال …
كم هائل من الحنين ، وجرعات متلاحقة من الشوق ، تمتزج كلها في صدري كعاصفة لا تهدأ .
أرسل إليكما هذه الرسالة ، لا بالبريد ولا بالهاتف ، بل من أعماق روحي ؛ رسالة أعرف تماماً أنها ستصل ، لأن الأرواح لا يمنعها حاجز ، ولأن الدعاء بريد السماء .
يا أبي يا أعزّ الناس
، ويا أمي يا نور عمري …
إنها مشيئة الله أن أُختبر بفقدكما ، أن أتعلم معنى الصبر حين يغيب الحضن الذي يطمئن ، والصوت الذي يسند ، والوجه الذي يضيء .
رحلتَ يا أبي في يومٍ لن يغادر ذاكرتي ما حييت :
الثلاثاء 9 جانفي 2024
تاريخٌ صار علامة فارقة في حياتي ، تاريخ يختلط فيه الألم بالدعاء ، والدمع بالذكريات ، وسأحييه كل عام وفاءً لروحك الطاهرة التي لم تغادر كياني يوماً .
أقف اليوم حائراً … تختنق الكلمات في حنجرتي ، وتفقد الجُمل ترتيبها ، فأنا الابن الوحيد لكما ، أعرف تماماً كيف أحتل كل منكما مساحة لا يراها أحد في صدري … مساحة لا يقدّر عمقها إلا الله .
أبي الحبيب …
يا فارساً بقلب من ذهب ،
يا رجلاً لم أرفع صوتي أمامه يوماً ولم أرفع عيني في عينيه إلا لأغرف من جلال حضوره ودفء ملامحه .
كنتَ لي قدوةً قبل أن أفهم معنى القدوة ، وكنت لي رحمة قبل أن أعي معنى الرحمة ، وكنتَ لي بسمةً صافية كلما ضاقت الدنيا.
كيف أنساك؟ وإسمك يحمل نور النبيّ الكريم محمّد صلى الله عليه وسلم؟
كيف يغيب وجهك عن قلبي وهو محفور بين نبضة ونبضة؟
كيف يغيب صوتك عن مسمعي وقد كان دعاؤك لي يتردّد في أذني كلما مرّ طيفك؟
كنت تقول لي دائماً :
"ربي يسعدك وينصرك ويسلم ولدي"
واليوم ، وفي كل صلاة ، أرفع يدي إلى السماء :
"اللهم أرحمهما كما ربياني صغيراً "
أما أمي …
يا من وضعت الرحمة في قلبي بملامسة يد ، وعلّمتني الحب قبل أن أنطق ، يا من أشعر برائحتها مع كل نسمة ، وبصوتها مع كل دعاء … أنتِ الحنان الذي لا تتكرر نسخته على الأرض.
أبي… أمي …
لا أدري كم تبقى لي من العمر ، ربما ساعة… ربما سنوات ، لكني أعلم شيئاً واحداً :
إن برّكما هو زادي إلى أن ألقاكما ، ورضاكما هو الطريق الأقرب إلى رضا الله .
فيا رب …
أرزقني برّهما حيّين وميّتين ،
وأجعل قبريهما نوراً وسكينة ،
وأجمعني بهما في جنة الخلد مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين.
إلى أن نلتقي



















