من امبارح والناس شغالة كلام عن الحفلة وإنها اتحولت لحفلة علشان غزة
منذ مساء الأمس تتداول الأحاديث على مواقع التواصل الاجتماعي حول الحفل الذي أُقيم بمصر، وتعددت التفسيرات والتأويلات بين من رأى أنه مجرد احتفال عادي، ومن اعتبره رسالة سياسية تتعلق بما يحدث في غزة. لكن قبل إصدار الأحكام، من المهم أن نقرأ المشهد بهدوء ونفهم دلالاته العميقة.
فمصر، وإن بدت بعيدة عن ميادين القتال، إلا أنها تخوض حربًا من نوع آخر منذ السابع من أكتوبر قبل عامين، حرب الإرادة والثبات، حرب حماية الأرض والهوية. فمنذ اللحظة الأولى للحرب، كان الهدف الواضح للكيان هو التهجير الكامل لغزة، ومحاولة جرّ مصر إلى معركة استنزاف طويلة تُفقدها استقرارها ودورها الإقليمي.
إلا أن القاهرة، بثبات موقفها، قالت كلمتها “لا” لتلك المخططات، ونجحت في سدّ الطريق أمام محاولات التهجير وحافظت على حدودها، بل وأبقت على القضية الفلسطينية حيّة في وجدان المنطقة والعالم. مصر لم تُدافع فقط عن حدودها، بل عن مبدأ وكرامة وأرض عربية تتعرض للتفريغ والتقسيم.
وعندما خرج الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب مؤخرًا بتصريح قال فيه إن “ما كانش قدام إسرائيل غير إنها توافق على خطتي، وإن لو أمريكا موقفتهاش كانت هتوقفها غيرها”، كان يُلمّح إلى الدور المصري الرافض لتلك المخططات. فمصر كانت الدولة الوحيدة التي واجهت المشروع بصمتٍ وحنكةٍ، وأفشلت أهداف الحرب في مهدها.
ومن هنا يأتي المعنى الأعمق لتزامن الاحتفال بانتصار السادس من أكتوبر مع هذه المرحلة الحساسة، فبينما يحتفل المصريون بذكرى نصرٍ عسكري خالد، تُعيد مصر اليوم كتابة فصل جديد من انتصاراتها السياسية والدبلوماسية.
الرئيس المصري قرأ المشهد كاملًا، فاليوم الذي زار فيه ترامب القاهرة لم يكن يومًا عاديًا، بل كان يومًا من أيام النصر والعزة لإرادة مصر، نصرٌ جديد يُضاف إلى سجلها الطويل من الصمود والكرامة.
مصر اليوم لا تحتفل فقط بذكرى نصر أكتوبر، بل تُعلن بصمتٍ ووقار انتصارًا آخر على مخططٍ كان يستهدف الأمة كلها.


















