18:10 | 23 يوليو 2019

فريد عبد الوارث يكتب: قطر والزوج الغاضب!

2:26pm 17/09/25
فريد عبد الوارث
فريد عبد الوارث

في مشهد سياسي أقرب إلى دراما منزلية مريبة شهدت الدوحة قبل أيام واقعة غريبة و خطيرة تمثلت في غارة إسرائيلية تستهدف قادة من حركة حماس على الأراضي القطرية، في خرق فاضح للسيادة وسط صمت قطري رسمي يكاد يكون تواطؤًا.
وبينما كانت الأبواق الإعلامية العربية تصرخ و تعبّر عن موقف واضح رافض للعدوان و داعم  لقطر اختارت الدوحة أن "تُخفض الصوت" وتبدو وكأنها تفضل دفن الحادثة تحت السجادة... لا ضجيج و لا مواجهة !!! 
القصة لا تُروى فقط من باب السياسة و الأمن بل من زاوية العلاقات المعقدة داخل القصر الخليجي – أو لنقل: داخل "الزواج المضطرب" بين قطر من جهة و أمريكا وإسرائيل من جهة أخرى.
فالولايات المتحدة، حليفة قطر الكبرى، و صاحبة القواعد العسكرية المنتشرة على أراضيها، لم تُبدِ أي موقف ضد العدوان!! أما إسرائيل فتصرفت وكأنها في بيتها و بين هذا وذاك، بدت قطر كزوجة متمردة ضبطها زوجها وهي تُراسل "جهات غير مرغوب فيها"، فقررت أن تبتلع الإهانة وتُقنع نفسها أن "الصلح خير".
ما حدث ليس مجرد اعتداء، بل رسالة تأديب واضحة.. الضيافة لحماس والنشاط السياسي خارج المسار المرسوم لم يعُد مقبولًا.
قطر، رغم محاولتها الجمع بين أدوار الوسيط والمضيف والمقاوم الناعم وجدت نفسها في مأزق، هل تختار الانحياز للمقاومة؟ أم تواصل الخضوع لتحالفها العميق مع "الزوج الغاضب"؟
الجيران حاولوا التدخل كالعادة بيانات إدانة هنا، تحذيرات هناك، لكن لا أحد يملك القرار فالمسرح كما هو واضح لا يتحرك إلا حين يتكلم المخرج الأمريكي، و باللغة التي يفهمها الجميع.
اللافت في المشهد أن قطر، التي طالما قدّمت نفسها كراعية للملف الفلسطيني، بدت الآن كمن تخلّى عن ضيوفه تحت أول ضغط! لم يصدر بيان شجاع، لم نرَ موقفًا صارمًا، بل مجرّد صمت مرتبك، و خوف من إغضاب "الشريك الأكبر" و كأن الأمر ليس قصفًا داخل حدودها، بل مجرد حادث داخلي في غرفة نومها لا يحق لأحد من الجيران أن يتدخل فيه.
المعادلة باتت واضحة، فما يجري بين قطر و أمريكا / إسرائيل ليس شراكة، بل علاقة غير متكافئة تُدار بالقوة و الإملاءات والدوحة، رغم كل ثرائها و استقلاليتها الظاهرة تظل رهينة معادلات أكبر، و مصالح أعقد من مجرد ضيافة أو تضامن مع قضية.
الصلح قادم لا محالة، حماس ستُسكت و قطر ستُمسح على رأسها، وربما تُمنح فرصة جديدة لتثبت "ولاءها" !!! أما الجيران، فعليهم أن يتعلموا الدرس، ليس كل خلاف عائلي بحاجة إلى تدخّل... أحيانًا، الصمت أكثر حكمة حين تكون الزوجة قد اختارت مصيرها، حتى لو كان على حساب كرامتها.
يا أمة ضكت من جهلها الأمم إن سلاسل العبودية هي في الحقيقة سلاسل سواء كانت من ذهب أو من حديد، فمتى تتحررون؟
 

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum