"بين الإخوة… من زرع الفتنة؟!"

في زمنٍ لم نعد نعرف فيه القرب من البعد، ولا الرحمة من القسوة، أصبحنا نشهد مشاهد تُدمي القلوب وتُبكي العيون، مشاهد لأخوةٍ من دمٍ واحد، يقتتلون ويتخاصمون ويتحاسدون، وكأن ما جمعهم من رحمٍ واحدٍ ونشأةٍ واحدةٍ صار لا يساوي شيئًا!
تبدأ القصة غالبًا من امرأةٍ لا تخاف الله، تسكن بيت أحد الإخوة، تُزيّن له الباطل، وتُحرّف له الكلام، وتُحمّله في صدره كرهًا لأخيه، كأنها تنتقم لنفسها، أو تسعى لتفكيك ما جمعه الله.
تلك الزوجة التي تزرع الفتنة بين الأخ وأخيه، ليست بزوجة صالحة، ولا بأم صالحة، بل هي أداة خراب، تحمل في قلبها نارًا تحرق بها الأسر، وتُحوّل المحبة إلى عداوة، والرحم إلى قطيعة.
قال رسول الله ﷺ:
"لا يدخل الجنة قتّات"، أي نمّام، فكيف بمن تُحرّض على أخٍ أو أخت، أو تُلقي في قلب الزوج البغضاء والكراهية لإخوته؟
وقال ﷺ:
"لا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا".
أيتها الزوجة…
اتقِ الله، فالكلمة أمانة، والنقل أمانة، وبيتك مسؤولية.
لا تكوني سببًا في إشعال نارٍ بين إخوةٍ كانوا يومًا يتقاسمون اللقمة والثوب والفرحة والحزن.
لا تُحرّضي زوجك على إخوته، فاليوم كلمة، وغدًا قطيعة، وبعده خصامٌ في المحاكم، ثم تفرقة بين الأطفال، ودمار للأبناء!
أيها الرجل…
أيعقل أن تصدق في زوجتك ما لم ترَه بعينك في أخيك؟
أيعقل أن تهدم ماضي العمر مع من شاركك الطفولة والشقاء لأجل وشاية؟
أما سمعت قول الله تعالى:
"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ"؟
وقوله: "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا"؟
إننا نعيش اليوم في مجتمعٍ أنهكه الحقد، وفتك به الحسد، وصار بين الإخوة عداوةٌ لا تُطاق، سببها كلامٌ منقول، أو تصرفاتٌ محرفة، أو امرأة لم تخف الله في بيت زوجها.
رسالتي للعالم اليوم:
الزوجة التي لا تحب الخير لأهل زوجها، لا تصلح أن تكون أمًّا ولا زوجة ولا سندًا.
التي تفرّق لا تجمع، والتي تهدم لا تبني، والتي تُشعل لا تُطفئ، ليست من نساء الجنة، بل هي من نساء الفتنة.
أيها الناس…
ازرعوا الخير في بيوتكم، ربوا أبناءكم على المحبة، على صلة الرحم، على التماس العذر، على الكلمة الطيبة، على الحب النقي.
ففي يومٍ قريب…
لن تبقى إلا الذكريات، إما ذكريات وصلٍ ومودة، أو ذكريات قطيعة وندم.
فاختر أيّ طريقٍ تريد أن تسلكه…
رحم الله من أصلح بين إخوة، ومنع فتنة، وحفظ قلوبًا كانت قاب قوسين من التحطّم.