يوم إفريقيا.. طريق القارة نحو المستقبل

في الخامس والعشرين من مايو، لا نحتفل فقط بذكرى "يوم إفريقيا"، بل نؤكد من جديد على حلم لم يمت، ورؤية لم تخفت، ومسار لا يزال مفتوحًا أمام شعوب القارة السمراء للسير نحو الوحدة، التقدم، والنهضة الشاملة.
لقد كان تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية عام 1963 – والتي أصبحت اليوم الاتحاد الإفريقي – لحظة فارقة في تاريخ القارة، حين اجتمع القادة الأفارقة على كلمة سواء: تحرير الإنسان الإفريقي من الاستعمار، ومن ثم بناء مستقبل قائم على العدالة، السيادة، والتنمية المستقلة.
ومع تعاقب العقود، تغيّرت التحديات وتبدلت الأولويات، لكن بقيت الروح الإفريقية التي تتطلع إلى غدٍ أفضل. فالقارة التي عانت طويلًا من الاستغلال والفقر والنزاعات، صارت اليوم رقماً مهمًا في معادلات السياسة الدولية والاقتصاد العالمي. بمواردها الطبيعية الهائلة، وشبابها الطامح، وإمكاناتها الزراعية والتكنولوجية المتزايدة، تمتلك إفريقيا كل المقومات التي تؤهلها لأن تكون قارة القرن الواحد والعشرين.
وفي هذه المناسبة، وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي رسالة إلى شعوب القارة قال فيها:
"في يوم إفريقيا، الذي يرمز إلى الوحدة والتضامن، نجدد في مصر التزامنا الراسخ بدعم التعاون البنّاء بين دول القارة، وتعزيز جهود التنمية والسلام في ربوعها كافة. إن مصر، بجذورها العميقة في التاريخ الإفريقي، تؤمن بأن مستقبل القارة في تكاملها، ونهضتها في يد أبنائها. فلنعمل معًا من أجل غدٍ أكثر إشراقًا لأبناء إفريقيا."
وهنا يأتي دور الدول الكبرى في القارة – وعلى رأسها مصر – في دفع قاطرة العمل الإفريقي المشترك، وبناء جسور التكامل الاقتصادي، وتنسيق المواقف السياسية، ودعم جهود التنمية المستدامة، ومكافحة الإرهاب والتطرف، وتفعيل آليات حل النزاعات. لقد كانت مصر، ولا تزال، حاضرة في قلب القارة، تتنفس من عمقها، وتتحدث باسمها، وتسعى لحشد الدعم الدولي لقضاياها، إيمانًا بأن قوة إفريقيا في اتحادها، ونهوضها لا يتم إلا بتكاتف أبنائها.
إن "يوم إفريقيا" ليس مناسبة احتفالية فحسب، بل دعوة متجددة لتعميق الوعي بوحدة المصير الإفريقي، ولمراجعة السياسات، وتجديد العهود، وتسليط الضوء على أن التقدم لا يأتي إلا بالعمل، وأن السلام هو الأساس الذي تُبنى عليه النهضة.
في هذا اليوم، نرفع التحية لكل من ناضلوا من أجل استقلال إفريقيا، ولكل من يعملون بصمت في القرى والمدن والمبادرات والمصانع والمدارس لصنع غدٍ أكثر إشراقًا. ونقول لأبناء القارة: أنتم الأمل، وأنتم المستقبل.
كل عام وإفريقيا أقوى، أكثر اتحادًا، وأكثر إصرارًا على أن تكتب تاريخها بيديها، لا بأقلام الآخرين.