مجتمع عمال الجبانه الملكية
انشئ هذا المجتمع في عصر الدوله الحديثه وبالتحديد في عصر الأسرة الثامنة عشرة في عهد جلالة الملك امنحوتب الاول وأمه " احمس نفرتاري" ، حيث قام عمال ذلك المجتمع بإعداد المقابر وبالتالي سكنوا منطقة دير المدينه ليكونوا بالقرب من مقر عملهم وأطلق عليهم " عمال المقبرة الملكية " .
وعاش هؤلاء العمال مع زوجاتهم وأولادهم وكانت لهم مقابرهم التي بنوها لأنفسهم واحتوت علي ابسط اثاث جنائزي اي انه مجتمع عمالي أسري .
خضع عمال ذلك المجتمع للوزير مباشرا ، ويذكر العالم " تشرني " أن الملك امنتوحتب الاول كان يقوم بالفصل في المنازعات الموجودة بين العمال وذلك عن طريق الوحي من خلال الملك الكائن بالمكان .
كانت اجور العمال عينيه عبارة عن قمح وشعير وخضروات وأسماك واخشاب للوقود واحيانا توزع عليهم الشحوم والزيوت والملابس ، إلي جانب منح ومكافأت من الملك عبارة عن نبيذ وجعه ولحوم وملح النطرون , ووجد في ذلك التجمع صوامع لتخزين الحبوب ومطابخ لإعداد الطعام .
كما عثر في أماكن تواجدهم علي ادوات للاستعمال اليومي مثل الفخار وصناديق وادوات نحاسيه ومغازل للنسيج وحصير وصنادل ولعب اطفال ، وكانت توزع عليهم الحبوب - علي ما يبدو - وفقا لمنصب كل فرد .
عثر في مقبرة أحد مراقبي العمل بالمقابر ويدعي " خع " من الاسرة ال 18 علي بعض من الاثاث عبارة عن كراسي مصنوعه من الخشب والجلد واسره واوان للطعام من الفخار والالباستر ومناضد ، ويتضح من خلال تلك المفردات المستوي المعيشي لهؤلاء الأفراد .
ينقسم عمال المقابر الملكية الي مجموعتين علي رأس كل منهما رئيس يساعده نائبان واثنان من الكتبة ، ضم هؤلاء العمال بنائين ورسامين ونحاتين ، وكان يتم تقسيم العمل بين العمال بحصص محدده كان لكل عامل ثلاثة أيام راحه موزعة على الايام العاشر والعشرين والثلاثين من كل شهر وتبلغ مدة العمل 8 ساعات يوميا مع فترة راحه في منتصف اليوم تقضي في الأكواخ التي أعدت لأوقات الراحة وتناول الغذاء .
عثر في هذا المكان علي بعض من أوراق البردي التي تؤرخ بعهد الملك رمسيس الثاني للعام ال 40 من حكمه ربما استخدمت ككشوف سجل عليها غياب بعض العمال فمنهم من تغيب بسبب المرض ومنهم من كان مدعو لوليمه أعدت له ومنهم من تغيب بدون سبب .
من بين العمال والرؤساء من أطلق عليهم لقب " وعو " اي جندي ، ربما كانوا جنودا سابقين وانهوا خدمتهم العسكرية بالجيش ثم انضموا للعمل في مقابر جبانه دير المدينة .
كانت المنازعات الخاصة بالعمال يفصل فيها من خلال محكمه تسمي " قنبت " اي محكمة القضاة وكان أعضاؤها من عمال القرية واختصت بالفصل بين الجنايات البسيطه ، ومن القضايا التي تم الفصل فيها قضية السطو علي مقابر طيبه ، الي جانب مجلسان كبيران في طيبة واوان وكان المجلسان بيت الحكم فيهما بواسطة وزيران .
عن وضع المرأة في مجتمع دير المدينة :- فكانت تعمل في المنزل وكان لبعض النساء خادمات لطحن الحبوب وعمل الخبز الذي كان يشكل وجبة الطعام الأساسية بالإضافة إلى حياكة الملابس في حال عدم كفاية الملابس التي تصرفها الحكومة لهم .
ويبدوا أن النساء الحائكات ( الخياطات) كان يعملن بأجر حيث كان هناك اتهام لرئيس ( بانب ) بأنه ارعم خمسة من النساء علي حياكة ملابسة دون مقابل .
عاش النساء والرجال في ذلك المجتمع حياة قاسية ولكنهم مارسوا حقهم في الحب واللهو حيث عثر علي خطابات مرسلة من الرجال الي النساء والعكس الي جانب رسائل بين الازواج والاقارب والأصدقاء .
لم تكن الحياة بها حب ولهو فقط وانما كانت هناك شكاوي للازواج من زوجاتهم حيث عثر علي شكوي لزوج يتهم زوجته بأنها لا تقوم بواجبها علي الوجه الأمثل نحوه .
لضمان سلامة المقابر الملكية وعمالها كان هناك ما يسمي بشرطة المقابر وكانوا خاضعين بشكل مباشر لسلطه عمده طيبه الغربية ، كما كان رئيس الشرطة عضو في المحاكم البلدية وكان له هو ورجاله معاملات تجارية مع العمال .
ارتبط عمال المجتمع بالمجتمعات الأخري التي خارج دير المدينة من خلال الأسواق الموجودة على ضفاف النيل حيث المراكب التي كانت محملة بالحبوب والسمك والمواد الغذائية الأخري ، ولقد شاركت النساء في ذلك السوق .
مارس عمال المجتمع الزراعة حيث عثر علي مناجل ومعازق الي جانب أنهم امتلكوا الأرض والماشية ، مما يدل علي لي تفاعل العمال مع المجتمعات الخارجية المحيطة بهم.
لم يكن المجتمع يضم مصريين فقط بل كان هناك اجانب منهم القبارصة ارسي في فترة حكم رمسيس الحادي عشر و " عبي " الذي عمل قائد سفينة وبثر البستاني .
كانت الحبوب تصرف للعمال من مخازن غلال الفرعون الموجودة في معبد مونتو بالكرنك ، وكانت تلك المخازن تقوم بتوريد الكمية المطلوبة للعمال كل شهر وتسلم لمركز المراقبة بمنطقة الجبانه حيث كانت توزن قبل توزيعها ، وكانت تلك الحبوب توزع في الشهر من مرة واحده الي اربع مرات كأجور عينينة وكان متوسط الاجر عبارة عن أربع زكائب من الحبوب وزن الواحده بما يعادل نحو 77 كجم لكل رئيس عمال وزكيبتين لكل كاتب وزكيبه واحده لكل عامل .
في العام ال29 من حكم رمسيس الثالث حدث عدم توخي العدل في صرف الاجر الشهري الأمر الذي ادي الي حدوث اضراب من العمال .
في النصف الثاني من عهد الملك رمسيس الثالث تدهورت الحالة الاقتصادية ووصل ثمن غرارة القمح الي دين واحد من النحاس ثم ارتفعت الي دبن ونص في العام ال 29 من عهد الملك رمسيس الثالث ثم وصل إلي دبنين ثم الي اربعه في السنه الرابعه أو الخامسه من عهد رمسيس السابع كما وصل سعر غراره الشعير الي دبن واحد .