في حضرةِ نجيب محفوظ

يا مَن كتبتَ الدهرَ بالحِبرِ الذي
نفذَ الزمانُ ولم ينفدْ مَدى الأمدِ
يا من قرأتَ الكونَ من زُقاقهِ
فأفصحتْ الأيامُ عن سِرِّك الأبدي
يا من وقفتَ على شواطئِ دهشةٍ
تملي على الأمواتِ من نفَسِ الغدِ
يا كاتبَ "القاهرةِ" البكرِ التي
تمشي الحكاياتُ فيها خَلفَ معتقدي
رأيتَ في "حاراتِها" وجوهَ عُشّقٍ
مطرًا، وطفلاً، وحُلمًا لم يكن وُلدِ
وكتبتَ "أولادَ الحيّ" حين سكبتهم
من ليلِنا المعجونِ بالشكوى وبالزبدِ
سألوك عن ربّ الحكاياتِ التي
فيها النوافذُ لا تُفضي إلى أحدِ
فأجبتَ: "كلُّ الناسِ تمضي كلَّها
ويظلُّ صوتُ الحبِّ حيًّا في المدى الأبدي"
من "المرايا" جئتَ تكسِرُ غفوةً
وترى العميقَ بمقلةِ القلبِ المُجتهِدِ
ما بين "ثرثرةٍ" و"حرافيشٍ" مضوا
تبقى الفلسفةُ الكبرى بلا مَردِ
كتبتَ عنا كلَّنا... في غفلةٍ
من زيفِ ما نرويه في صمتٍ وفي نكدِ
نجيبُ، يا نَجمَ الحقيقةِ، يا فتى
الوعيِ، يا قلمًا تعدّى نُطقَ كل يدِ
نُهديكَ شعرَ القلبِ في تكبيرةٍ
ونُقَبِّلُ الأوراقَ من رَوحِك المُجتهد