العدوان التركى على ليبيا – وحق الدفاع الشرعى فى القانون الدولى
تشهد منطقة الشرق الاوسط وتيرة تصاعد مستمر للصراعات بين الجماعات الارهابية المدعومة من عدة دول وبين الدول النظامية وسرعان ما انتقلت تلك النزاعات المسلحة الى دولة ليبيا نتيجة للتدخل التركى القطرى فى الشئون الداخلية للدولة الليبية والتمويل للجماعات الارهابية والميشليات المسلحة التى تعمل على زعزعة استقرار ليبيا والعمل على تهديد دول الجوار الليبى ولاسيما جمهورية مصر العربية ، وهو ما دعا المجتمع الدولى لطلب وقف الدعم التركى للجماعات المسلحة فى ليبيا وعدم التدخل فى شئونها الداخلية ، وسط تصعيد عسكرى تركى فى المنطقة يهدد الامن القومى المصرى ، وقد جاء الرد قويآ من الجانب المصرى وذلك خلال تصريح للسيد الرئيس / عبدالفتاح السيسى رئيس جمهورية مصر العربية ، خلال تفقده المنطقة الغربية العسكرية فى يونيو الماضى ، بتأكيد حق مصر فى الدفاع الشرعى سواء في إطار ميثاق الأمم المتحدة " حق الدفاع عن النفس " ، أو بناء على السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة من الشعب الليبي " مجلس النواب الليبي " ، مما داعنا الى كتابة هذه السطور حول حق الدولة المصرية فى ممارسة الدفاع الشرعى عن نفسها .
فقد جاء نص المادة 51 من ميثاق الامم المتحدة ، على النحو التالى : " ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينقص الحق الطبيعي للدول – فرادى أو جماعات – في الدفاع عن أنفسهم إذا عتدت قوة مسلحة على أحـد أعضاء (الأمم المتحدة) ، وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدوليين ، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالا لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فوراً ، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس – بمقتضى سلطته ومسئولياته المستمدة من أحكام هذا الميثاق – من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة اتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدوليين ، أو إعادته إلى نصابه ".... وبموجب هذا النص يكون من حق الدول الاعضاء منفردين او من خلال تحالفات عسكرية او تنظيمات اقليمية فى الدفاع الشرعى حال تعرضهم لعدوان أو هجوم مسلح من جانب دولة او دول اخرى ، وذلك فى اطار الشروط و الضوابط التى رسمتها هذه المادة لممارسة هذا الحق .
ووفقا لتعريف العدوان من جانب الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال الدورة رقم 29 المنعقدة في 14 ديسمبر سنة 1974م على توصية اللجنة السادسة المتضمنة قرار تعريف العدوان ، ويتكون قرار الجمعية العامة من عدة نصوص ، من أهمها ما ورد في مادته الأولى تعريفاً للعدوان ، حيث نصت على أنه : " استخدام القوة المسلحة بواسطة دولة ضد السيادة ، أو السلامة الإقليمية ، أو الاستقلال السياسي لدولة أخرى ، أو بأي شكل آخر يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة " .
بينما تنص مادته الثانية على أن : " المبادأة باستخدام القوة المسلحة بواسطة دولة خلافاً لما يقضي به الميثاق يشكل دليلا على وقوع العمل العدوانى " .
أما المادة الثالثة فقد وردت على نهج الاتجاه الإرشادي في التعريف ، فقد أوردت صوراً للعمل العدواني مثل :
أ – الغزو أي احتلال عسكري – ولو كان مؤقتاً – ينشأ عن هذا الغزو أو الهجوم ، أو أي ضم لإقليم دولة أخرى – كليا كان أو جزئيا – عن طريق استخدام القوة .
ب – الضرب بالقنابل بواسطة القوات المسلحة لإحدى الدول ضد إقليم دولة أخرى ، أو أستخدام أية أسلحة بواسطة إحدى الدول ضد إقليم دولة أخرى .
ج – حصار موانئ أو شواطئ إحدى الدول بواسطة القوات المسلحة لدولة أخرى .
د – هجوم القوات المسلحة لإحدى الدول على القوات البرية أو البحرية أو الجوية أو الأساطيل البحرية أو الجوية لدول أخرى .
هـ- استخدام القوات المسلحة لإحدى الدول الموجودة داخل إقليم دولة أخرى بمقتضى اتفاق مع الأخيرة خلافاً للشروط الواردة في هذا الاتفاق ، أو أي امتداد لوجودها في هذا الإقليم بعد مدة الاتفاق .
و – موافقة إحدى الدول على استخدام إقليمها الذي وضعته تحت تصرف دولة أخرى في ارتكاب العمل العدواني بواسطة الأخير ضد دولة ثانية .
ز – إرسال العصابات أو الجماعات أو المرتزقة المسلحين بواسطة إحدى الدول أو لحسابها ، مع ارتكاب أعمال القوة ضد دولة أخرى ، مثل الأفعال المشار إليها من قبل.
وقد أكدت المادة الرابعة ذلك الاتجاه الإرشادى ، حيث أوضحت أن الأفعال السالفة الذكر ليست واردة على سبيل الحصر ، بمعنى أنها ليست جامعة لكافة صور العدوان ، وبالتالي فإن مجلس الأمن يستطيع أن يعتبر سواها عدواناً طبقاً لأحكام الميثاق .
ووفقا لتعريف العدوان وصور العدوان وترتيبآ على ما سبق من اسانيد قانونية ، يعد هناك عدوان تركى على الدولة الليبية وتهديد للسلم والامن الدوليين ، ويؤكد ايضا حق ممارسة مصر لحق الدقاع الشرعى وفقآ لما جاء من جانب مجلس الامن حين وافق على على التقرير المقدم من لجنة الطاقة الذرية عام 1955 بشأن المادة 51 من ميثاق الامم المتحدة ، وهو التقرير الذى تضمن ان الإجراءات الوقائية التي تقوم بها الدولة ، ضد صور العدوان ولاسيما ان هناك العديد من السوابق الدولية التى استخدم فيها ذلك الحق ، لذلك نرى ان مصر لديها حق اصيل فى الدفاع الشرعى عن نفسها ضد الجماعات الارهابية المتطرفة ، فضلا من تحقيق مبدأ الامن الجماعى العربى والعمل على الوقوف بجانب الشعب الليبى وحقه فى تقريرمصيره ووحدة وسلامه اراضيه وذلك فى ضوء اعلان القاهرة والجهود الدولية المبذولة لتسوية الازمة الليبية تحت مظلة منظمة الامم المتحدة .