تجاوزات خطيرة في مجال الرعاية الصحية: قضايا جمال شعبان تثير القلق على سلامة المرضى
تستمر قضية الدكتور جمال شعبان، الذي يُعرف بلقب "طبيب الدعامة المكسورة"، في جذب الأنظار في الساحة الطبية والإعلامية في مصر، حيث يتهمه العديد من المرضى والمواطنين بالتسبب في حوادث طبية خطيرة قد تعرض حياة المرضى للخطر. هذه القضية التي بدأت بحادثة دعامات قلبية مكسورة، باتت تمثل حلقة من سلسلة طويلة من التجاوزات الطبية والإدارية، التي تثير تساؤلات جدية حول مستوى الخدمات الصحية المقدمة في بعض المراكز الطبية الخاصة ومدى التزام الأطباء بالقوانين والمعايير الصحية.
القضية التي فجرها خطأ طبي فادح
تعود بداية الأزمة إلى حادثة مؤلمة تعرض لها المريض "عادل الليثي"، الذي كان قد خضع لعملية تركيب دعامات قلبية على يد الدكتور جمال شعبان وابنه الذي لم يكن قد اجتاز المراحل التعليمية اللازمة لممارسة هذه العمليات. حسب تصريحات الليثي، فقد أُجريت العملية في مستشفى "الرسالة التخصصي" في المهندسين، إلا أن الأمور سارت بشكل كارثي عندما تبين أن العملية أسفرت عن ترك دعامة مكسورة داخل شريان القلب، مما تسبب في مضاعفات خطيرة جعلت المريض في حاجة إلى عملية قلب مفتوح عاجلة في لندن.
ويكشف الليثي أنه فوجئ بعد إجراء العملية بأن الفريق الطبي البريطاني أكد له أن تلك الدعامات لم تكن ضرورية، وأن شعبان قد قام بها لأسباب تجارية بحتة، وقد قال الفريق الطبي البريطاني أن حالته لم تكن تستدعي تلك الجراحة من الأساس، ما يثير مزيدًا من التساؤلات حول الدوافع التي قادت إلى هذا الإجراء الطبي المتهور.
أزمة مركز "جرين هارت" وتزايد المخالفات
القضية لم تتوقف عند هذا الحد، فقد كشفت التحقيقات عن وجود مخالفات جسيمة في المركز الطبي "جرين هارت"، الذي يمتلكه الدكتور جمال شعبان، في مدينة العاشر من رمضان. هذا المركز الذي كان محط أنظار في الآونة الأخيرة بعد الكشف عن جريمة الدعامة المكسورة، تبين عدم امتلاكه لتراخيص مزاولة المهنة، إضافة إلى وجود عدد من المخالفات الخطيرة مثل تشغيل كوادر طبية غير مرخصة، واستخدام أدوات طبية غير معقمة.
بحسب محاضر رسمية أصدرتها مديرية الشؤون الصحية في محافظة الشرقية، تم الكشف عن العديد من التجاوزات داخل المركز، مما دفع بعض الجهات المعنية، مثل إدارة العلاج الحر في وزارة الصحة، إلى إصدار قرارات بإغلاق المركز. ولكن، المفاجأة الكبرى كانت في عدم تنفيذ هذه القرارات على أرض الواقع، حيث تكشف تقارير رسمية عن مقاومة شديدة من قبل المركز لهذا الإغلاق، مما يطرح تساؤلات كثيرة في هذا الشأن.
تجاوزات على مستوى المعايير الصحية والأخلاقية
من خلال التحقيقات التي أجرتها نقابة الأطباء، تبين أن هذه ليست المرة الأولى التي يُتهم فيها الدكتور جمال شعبان بالتقصير الطبي، ففي فترة انتشار جائحة كورونا، كانت هناك عدة شكاوى موجهة ضد ممارساته الطبية، حيث قام بتقديم نصائح طبية غير دقيقة وقد تكون خطيرة على صحة المرضى، وتعددت الشكاوى التي اتهمته بالإهمال في التعامل مع الحالات الصحية الحرجة، بما في ذلك تقديم علاج غير مناسب، وعدم اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لمكافحة فيروس كورونا في مركزه.
ومع كل هذه المخالفات، يواصل الدكتور جمال شعبان نشاطه الطبي وكأن شيئًا لم يكن. حتى بعد إحالاته للتحقيق أكثر من مرة، سواء من قبل نقابة الأطباء أو إدارة العلاج الحر، فإنه يظهر في وسائل الإعلام بشكل مستمر، مما يعكس إصرارًا غير مبرر على التمسك بموقعه الطبي بالرغم من هذه التجاوزات الخطيرة.
التصدي للتجاوزات: تدخل الجهات الرقابية
مع استمرار هذه التجاوزات الطبية والإدارية، يتزايد الضغط على الجهات الرقابية للتدخل بشكل حاسم ومحاسبة المسؤولين. حيث تسائلت بعض الشخصيات العامة عن دور نقابة الأطباء والوزارة في مراقبة مثل هذه المراكز الطبية وضمان التزام الأطباء بالمعايير الصحية. ومع استمرار الجدل حول القضية، أبدى المواطنون غضبهم من تباطؤ الجهات الرسمية في اتخاذ الإجراءات اللازمة، خصوصًا بعد عدم تنفيذ قرارات الإغلاق الخاصة بمركز "جرين هارت"، على الرغم من مخالفة المركز للقوانين الطبية.
ردود الفعل الإعلامية والاجتماعية
أثارت هذه القضية ضجة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تفاعل العديد من المواطنين مع القضية، وطالبوا بتوضيح من الجهات المسؤولة عن الرقابة الصحية في مصر. وتداول الكثيرون من خلال منصة "إكس" تغريدات تدين هذه التجاوزات وتحث على معاقبة الطبيب المتسبب في الأذى للمريض. كما أن الإعلام المصري أيضًا لم يغفل القضية، حيث أجريت العديد من التحقيقات التلفزيونية التي سلطت الضوء على تفاصيل القضية وأبرزت الخطر الذي يهدد حياة المرضى بسبب الإهمال الطبي.
