أحمد أبوتليح يكتب : الطاقة المظلمة وسر تمدد الكون

عزيزي القارئ الشغوف بعلوم الكون وميكانيكا الكم . وإذا كنت متابع جيد لنا فلقد تحدثنا خلال عدة مقالات سابقة عن المادة والمادة المضادة والمادة المظلمة . وعرفنا أن النسب بينهم تتمثل في 5% من مادة ملموسة تكون كل ما نراه من نجوم وكواكب وشهب ونيازك . وأن هناك مادة مظلمة تمثل حوالي 23% من نسبة الكون المعروف لدينا حتى الأن .وطاقة مظلمة حوالي 72% من مكونات الكون . وللعلم كل تلك الارقام تقريبية قابلة للنقص والزيادة ولكن اعتبرنا المتوسط العام المتعارف عليه .
تعرف الطاقة المظلمة في علم الكون وفيزياء الجسيمات بأنها أحد الأشكال الافتراضية للطاقة التي تملأ الفضاء والتي تملك ضغطاً سالبا. وحسب مفهوم نظرية النسبية العامة لآينشتاين، إن تأثير مثل هذا الضغط السالب يكون مشابهاً لقوة معاكسة للجاذبية في المقاييس الكبيرة. وإن افتراض مثل هذا التأثير هو الأكثر شعبية حالياً لتفسير تمدد الكون بمعدل متسارع، كما يشكل تفسيراً معقولاً لجزء كبير من المادة المفقودة missing mass في الفضاء الكوني. تفسير ما سبق هو : حيث أعتبر أينشتاين الكون المتمثل في نسيج الزمكان وما يحمله من أجسام كون ثابت غير قابل للتمدد ولكن مرن قابل للانحناء والالتواء . حتي جاء العالم إدوين بويل هابل (Edwin Hubble)‏ (20 نوفمبر 1889 - 28 سبتمبر 1953)، فلكي أمريكي له دور كبير في استكشاف الفضاء الخارجي ،وقام بدراسة 24 مجرة وأثبت عن طريق قياس عمر الكون عن طريق الضوء الصادر من المجرات . أن الكون عمره تقريبا حوالي 14 مليار سنة إلا قليل ولكن أكثر ما لفت نظره هو أن الكون يتمدد وليس ثابت وأن الكون تمدد للضعف خلال ال 10مليارات سنة الماضية وكان معدل التمدد هو 72 كم /ثانية / مليون فرسخ فلكي . ولقد أكد بعد العلماء أن التمدد كان أسرع عن ذي قبل في خلال الـ 5 مليارات سنة الأخيرة من عمر الكون . والنظرية العلمية التي أثبتت ذلك التمدد وسرعته هو التحليل الطيفي للضوء حيث وجد أن الضوء منزاح للون الاحمر كلما تقدم الكون في الزمن . ولكي تستوعب تلك النظرية . لك أن تتخيل أن الضوء يأتي الينا عبر الفضاء في شكل موجات تلك الموجات كانت متسارعة ومتقاربة في بداية عمر الكون وبمرور الزمن حدث تمدد لتلك الموجة وتقترب أن تصبح خط مستقيم هذا التمدد الذي حدث للموجة الضوئية سببه تباعد مصدر الضوء عن الارض وبالتمدد ينزاح الضوء الي اللون الاحمر . ويشرح علماء الفلك تلك النظرية بالآتي :
نظرية انزياح الضوء إلى اللون الأحمر، أو ما يُعرف بـ"الانزياح نحو الأحمر"، هي ظاهرة فيزيائية تحدث عندما يزداد طول الموجة الكهرومغناطيسية القادمة من جرم سماوي نتيجة ابتعاده عنا. هذه الظاهرة تشبه تأثير دوبلر، حيث يتغير تردد الموجة بناءً على حركة المصدر والمراقب1.

هناك ثلاثة أسباب رئيسية للانزياح نحو الأحمر:

انزياح دوبلر: يحدث عندما يتحرك الجرم السماوي بعيدًا عنا، مما يؤدي إلى زيادة طول موجة الضوء.
الانزياح الجاذبي: يحدث بسبب اختلاف الجاذبية بين الأرض والجرم السماوي، وفقًا لنظرية النسبية لأينشتاين2.
الانزياح الكوني: يحدث نتيجة تمدد الكون، حيث تبتعد المجرات والنجوم عنا باستمرار1.
هذه الظاهرة تُستخدم في علم الفلك لتحديد أبعاد النجوم والمجرات عنا، وقد كانت أبحاث إدوين هابل في العشرينيات من القرن الماضي هي التي أكدت أن الكون في حالة توسع مستمر
وطبقا لتلك النظرية أثبت أن الكون يتمدد كما سبق وذكرنا ولكن من أين الطاقة الهائلة التي تؤدي إلى حركة الكون وتمدده بهذا الشكل هذا ما أثبته العلماء أن هناك طاقة عظيمة وهائلة تقوم بذلك الدور فيما يعرف بالطاقة السالبة عكس جاذبية الكون تلك الطاقة الخفية تسمى بالطاقة المظلمة (  The Dark Energy)
والتي تمثل 72% من كتلة الكون كما ذكرنا في بداية المقال . 
وهذا يتطابق كليا مع ما ذكر في القرآن الكريم : 
بسم الله الرحمن الرحيم 
}وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47){
سورة الذاريات 
ولكن ماذا يحدث لو نفذت تلك الطاقة . هل سيستمر الكون في التمدد أم يتوقف أم ينكمش . يقول العلماء عند فناء الطاقة المظلمة سوف ينكمش الكون ويرجع للنقطة صفر كما كان في البداية 
أحد السيناريوهات المحتملة لمصير الكون
الانسحاق العظيم أو الانسحاق الشديد أو الضربة الاهتزازية (بالإنجليزية: Big Crunch)‏حيث إنه  في علم الكونيات المادية يسمى عكس عملية الانفجار العظيم ، والتي تفترض أن التوسع الحاصل للكون بسبب طاقة الانفجار العظيم ستتبدد وتنتهي بعد مدة من الزمن وستبدأ طاقة الجذب المركزية في لملمة أطراف الكون إلى أن يعود كتلة واحدة صغيرة في الحجم عالية الكثافة والكتلة . وأيضا تلك النظرية تم ذكرها في القرآن الكريم حيث قال الله تعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم 
﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾. الأنبياء (104).
فسبحان الله فهو على كل شيء قدير . 
أتمني عزيزي القارئ أن أكون قد وفقت بعض الشيء في تقديم تفسير مبسط لنظرية الطاقة المظلمة وكيف تم إثباتها في العلم الحديث والي لقاء آخر وموضوع أكثر تشويقا