محمد فوزي يكتب : ارهاصات استراتيجيات التنمية بين الواقع والخيال
دول تبني استراتيجياتها بلا معطيات وبالتالي بلا نتائج لأن من يصيغون استراتيجيتها غير مؤهلين أو غير مدركين ، غير مؤهلين أي لا يمتلكون الخبرات والمهارات التي تمكنهم من بناء استراتجيتهم ، وغير مدركين أي بالعامية " ماشيه معاهم بالبركة "
ليست الموارد وفرتها أو ندرتها هي مقياس الأمم وليس تعداد سكانها فهناك الصين بالرغم من تعداد سكانها إلا أنها استطاعت أن تكون في صدارة الأمم المتقدمة ، أيضاً اليابان التي لا تمتلك الموارد الموجودة ببعض البلدان النامية الأخرى لكنها استطاعت أن تكون في الصدارة ، الأمر يرتبط كليا بمدى استجابة الإدارة التي تقود الدولة وقدراتها في بناء استراتيجيتها ومدى التزامها بتنفيذها ، وهذا ما اتضح جليا منذ الأزمة المالية العالمية التي حدثت عام 2008 وكشفت عن الخلل المصرفي والمالي ، في حقيقة الأمر قد يبدو الأمر مرتبط بندرة الموارد أو مدى توافرها في بلد ما لكن الأمر ليس بذلك إنما مدى إرادة مجتمع ما بقيادته أن يخطط ويفكر في استثمار قدراته مها قلت أو توافرت لاسيما في ظل التحول الرقمي الذي نشهده ، نستطيع أن نقول أن الولايات المتحدة الأمريكية هي أكثر الدول التي استفادت في الماضي من الرقمنه وتطبيقها للشمول المالي والاستفادة من تطبيقاته في جني الأرباح .
كم عدد الذين يمتلكون حسابات على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك سواء مستهلكين أو مصدرين كلاهما تستفاد منه إدارة الفيسبوك التي بالتالي تدفع مبالغ من أرباحها لوكالة الإيرادات الداخلية بالولايات المتحدة الأمريكية فضلاً عن شرائها لمواقع مقرات لها في الولايات المتحدة الأمريكية وماتستهلكه هذه المواقع من موظفين ومرافق كالماء والكهرباء والغاز الخ تستفاد منه الإدارة الأمريكية فضلاً عن القائمين على إدارة الفيسبوك، لذلك فإنه يتبين على الدول التي تريد النهوض هي التخطيط للاستفادة من الشمول المالي وتطبيقه وذلك للهدف من تصدير الموارد والقدرات للدولة والاستفادة من تطبيق الشمول المالي والتحول الرقمي في جني الأرباح والأموال إلى الداخل ، كم من دولة تستورد منتجاتها عبر عدة مواقع مثل أمازون عن طريق طرق دفع مختلفة ك Paypal وغيرها من المنصات الوسيطة ، وهناك دول أغلقت بالفعل منصاتها وبطاقات الإئتمان من التعامل دولياً لكي لا يشتري ولا يستورد مواطنيها من الخارج ، هذا الأمر يبدو أنه حل جيد ويوقف الاستيراد لكن على أرض الواقع الاستيراد قائم ولم ولن يتوقف لأنه ليس هو الحل ، بالعكس عملية الاستيراد في هذه الدول مستمرة سواء عن طريق شهادات الادخار أو دفع الفيسبوك وانا شخصيا أفعل ذلك عن طريق خدمة فوري في مصر والتي تستحوذ على حصصها شركة ألفا أوريكس والتي تتبع مجموعة ADQ تتبع صناديق أبو ظبي الإماراتية وبالتالي الاستيراد مستمر ولكن بدفع مبالغ أكثر تستفاد بها دول أخرى وبالتالي يتم تحميل هذه التكاليف على المواطن في دولة ما ، إذن ماهو الحل للدول النامية في النهوض أم أن الدول النامية ستظل نامية بالرغم أن هناك في هذه الدول من يمتلك الموارد الكثيرة لكن الأمر كما ذكرت لايرتبط بالندرة أو الوفرة للموارد ، الأمر يرتبط بهذه الإدارة في مدى قدراتها وإرادتها واستجابة هذا المجتمع في النهوض ومدى الاستفادة من الرقمنة وتطبيقات الشمول المالي ، لماذا لايقوم على سبيل المثال في دولتي مصر أو في أي دولة ما تريد النهوض يقوم رجل أعمال أو جهاز بالمساهمة في بناء موقع إلكتروني يديره أشخاص لديهم خبرات التسويق مش لازم أقول ماركتينج marketing لكي أبدو أنني مثقفاً لأن هناك الكثير ممن يقومون بمجال التسويق في مصر وهم لا يستطيعون تسويق عملهم " باب النجار مخلع " هؤلاء كثر وأغلبهم يعملون في مجالي الدعاية والاعلان لكنهم ليست لديهم القدرات العملية والعلمية والخبرات هم مجرد يستخدمون بطاقات الإئتمانية وخلافة دون تحديد البيانات الديموغرافية السليمة التي تؤهلهم لذلك ولذلك النجاح والتسويق غير مرتبط بالإمكانات المادية بقدر ماهو متعلق بكفاءة ممن يقومون على التسويق الماركيتينج ، نعود إلى أحد الحلول الذي تحدثت عنه هو تأسيس موقع لتصدير منتجات الدولة فمثلاً أنا في مصر لماذا لايتم تصدير مثلاً منتجات مصانع غزل المحلة أو المنتجات السياحية الفرعونية هذا الأمر هو الحل لا غلق الاستيراد بل تشجيع المواطنين على التصدير وتحويلهم من مستهلكين إلى مصدرين والاستفادة من التحول الرقمي الذي نعيشه وتطبيق الشمول المالي ، لماذا العوائق التي تقف أمام مواطن في دولة ما يريد فتح حساب بنكي أن لابد أن يكون هناك اشتراطات معينة وأن يدفع رسوم معينة وأن يبدأ حسابه برصيد معين ، لماذا لايكون فتح الحسابات بلا رسوم هذا الأمر سيفتح الباب أمام العمال البسطاء مثلي الذين لا يمتلكون توفير مبلغ فتح الحساب في فتح حساباته وبالتالي يستطيعون القيام بالادخار وبالتالي هذا يعود إلى البنك الذي يستفاد من تلك الأموار المدخرة في مشروعاته التنموية بالإضافة إلى رسوم الإدخار التي يجنيها وبالتالي يستطيع عن طريق ادخارته مستقبلا أن يقوم بتصنيع شيء ما وتصديره للخارج ، كذلك المرأة المصرية بالرغم من الإجراءات الإصلاحية التي لم نشهدها من قبل وحرصت عليها التعديلات في دستور 2014 وبالرغم من هذه الحقوق التي كفلتها دول كثيرة للمرأة لاسيما في مصر التي أعطت للمرآة الكثير من الحقوق في مجلس النواب وفي تولي المناصب القيادية لكن نقف أمام مشكلة أن هذه المرأة لا تمتلك المعلومات والخبرات العلمية والعملية التي تؤهلها لذلك ، منذ صغري كنت أقرأ في كتب المدارس عن الأسر المنتجة لكن على الواقع نحن أسر مستهلكة ، فالدولة توفر مشاريع مثل الخياطة وخلافه لكن السؤال هذه المرأة التي تقوم بمشروع الخياطة هي تستفاد من جيرانها وكذلك يستفاد جيرانها منها عن طريق سوبر الماركت أو خدمات كالسباكة والكهرباء الخ اذن الجميع يستهلك الآخر لا يصدر للخارج وهنا نحتاج إلى أن تتغير نظرة الدولة من توفير مشاريع محلية داخلية استهلاكية إلى توفير مشاريع للتصدير للخارج تستفاد بها الدولة والقائمين على هذه المشروعات وهذا الأمر يحتاج لنظرة مختلفة من قبل مؤسسات المجتمع المدني لتلك المساهات والمشروعات التي تقدمها وكذلك الاستفادة من خدمات الشمول المالي وتطبيقاته أنا شخصيا أقوم بالتصدير للخارج وأجني الأموال والعملة الصعبة التي تستفاد بها الدولة من يورو ودولار عن طريق التصميمات وبناء المواقع الإلكترونية وإعداد الأبحاث ومشاريع التخرج بالخارج رغم عدم امتلاكي للموارد ورغم عدم توفير الدولة لي بقرض أستطيع تنمية مهاراتي وقدراتي وشراء جهاز كمبيوتر حديث وشراء طابعات ولكنني كطبيعتي لا أتحدث عن مصلحة شخصية لي لكنني أعرض ما أعيشه مثلاً لغيري من المواطنين في مختلف البلدان التي لا تهتم ولا ترعاهم بلدانهم بالرغم من امتلاكهم لقدرات تحتاج لتدخل الدولة في الاستفادة وتوظيف هذه القدرات لتستفاد منها الدولة