نتنياهو يُشعل المنطقة باقتحام الأقصى هربًا من أزماته الداخلية
نتنياهو يعود من جديد إلى ساحة الاستفزاز المقدس مدركا أن الاقتحام ليس فعلا عابرا بل رسالة سياسية كاملة الأركان تستهدف فرض واقع جديد على المسجد الأقصى وتكريس السيادة بالقوة وتحدى مشاعر أمة بأكملها إشعال الشمعدان فى موقع حائط البراق لم يكن طقسا دينيا بريئا بل إعلان نوايا بأن المقدس بات ساحة صراع مفتوح وأن الاحتلال لا يرى فى القانون الدولى ولا فى القرارات الأممية سوى أوراق مهملة
فى المقابل وعلى وقع هذا التدنيس الممنهج تتصاعد فى رام الله وعواصم أخرى نفس الأسطوانة القديمة حل الدولتين كأنها تعويذة سحرية قادرة على إيقاف الجرافات وإطفاء نيران البيوت المهدمة وإعادة الشهداء إلى الحياة يكررونها بينما الوقائع على الأرض تسير فى اتجاه واحد قتل يومى واستيطان متسارع وضم زاحف وتهجير منظم
اللافت أن هذه المعزوفة لا تتوقف مهما بلغت جرائم الاحتلال وكأن هناك من قرر أن يعيش خارج الزمن وخارج الجغرافيا يبيع وهما سياسيا لشعب يذبح على الهواء مباشرة ويطلب منه الصبر وانتظار حل لم يعد موجودا إلا فى الخطب والبيانات
حل الدولتين لم يعد مشروعا سياسيا بل صار سلعة خطابية تستخدم لشراء الوقت وتهدئة الغضب وتبرير العجز كلما اقتحم مستوطن أو دنس مسؤول صهيوني مقدسا أو سال دم فلسطينى جديد خرج علينا بائعو الأوهام ليقولوا إن الحل قادم فقط امنحونا مزيدا من الوقت
لكن السؤال الحقيقى ماذا سيبيعون بعدها حين يبتلع الاستيطان ما تبقى من الأرض وحين تتحول القدس إلى مدينة بلا عرب وحين يصبح الحديث عن دولة فلسطينية ضربا من الخيال هل سيخترعون اسما جديدا للوهم أم سيطالبون الضحية بمزيد من الصمت
ما يجرى فى الأقصى اليوم ليس حدثا منفصلا بل حلقة فى مشروع واضح يسير بثبات نحو الحسم بالقوة أما من يواصلون ترديد الشعارات القديمة فهم شركاء فى الجريمة بالصمت والتضليل لأن أخطر ما يواجه القضايا العادلة ليس فقط عدوها المباشر بل أيضا من يبيع لها الوهم على أنه أمل

















