18:10 | 23 يوليو 2019

بين الهند والصين من يحمل راية مصنع آيفون القادم

11:32am 18/12/25
صورة أرشيفية
نشأت البسيوني

لم يعد الصراع بين الهند والصين مجرد منافسة جغرافية او اقتصادية تقليدية بل تحول الى اختبار عالمي لإعادة رسم خريطة الصناعة والتكنولوجيا في عصر تتغير فيه موازين القوة بسرعة غير مسبوقة وفي قلب هذا المشهد يقف هاتف آيفون كرمز يتجاوز كونه جهازا ذكيا ليصبح مؤشرا على اتجاهات الاقتصاد العالمي وسلاسل التوريد والثقة السياسية والاستقرار طويل المدى لسنوات طويلة
كانت الصين هي القلب النابض لصناعة آيفون المصنع الكبير الذي لا ينام والبنية التحتية الجاهزة واليد العاملة المدربة والنظام الصناعي المتكامل الذي يصعب تكراره بسهولة لكن العالم تغير والاعتماد المطلق على مركز واحد اصبح مخاطرة استراتيجية وليس مجرد قرار اقتصادي الاحداث العالمية والتوترات التجارية والجيوسياسية دفعت الشركات الكبرى الى التفكير بمنطق جديد يقوم على التنويع
لا الاستبدال وعلى توزيع المخاطر لا الهروب منها وهنا دخلت الهند المشهد بهدوء في البداية ثم بثبات متزايد الهند لم تقدم نفسها كبديل فوري للصين بل كقصة صبر واستثمار طويل النفس دولة بعدد سكان هائل وسوق محلية ضخمة وقوة عمل شابة تسعى الحكومة فيها الى تحويل البلاد من مستهلك للتكنولوجيا الى صانع مؤثر فيها التحدي لم يكن سهلا فالصناعة عالية الدقة مثل آيفون لا
تعتمد فقط على العمالة الرخيصة بل على شبكة موردين متكاملة وانضباط تشغيلي ومعايير جودة صارمة وسرعة استجابة لا تعرف التراخي الصين بنت هذا النظام خلال عقود والهند تحاول اختصار الزمن دون الوقوع في فخ العجلة ما يحدث اليوم ليس معركة صفرية لن تخسر فيها الصين كل شيء ولن تكسب فيها الهند كل شيء بل هو تحول تدريجي يعكس رغبة الشركات العالمية في خلق
توازن جديد الصين ما زالت تملك الخبرة العميقة وسلاسة العمليات والبنية التي لا مثيل لها والهند تملك المساحة والارادة السياسية والحافز الاستثماري والقدرة على التعلم السريع الفارق الحقيقي بين الطرفين لا يكمن فقط في المصانع بل في الفلسفة الصين تمثل نموذج الاتقان الصناعي المتراكم والهند تمثل نموذج الصعود المدروس الذي يقبل التعثر كجزء من الرحلة السؤال الحقيقي ليس
من سيحمل اللقب وحده بل كيف سيتغير معنى اللقب نفسه فمصنع آيفون القادم قد لا يكون دولة واحدة بل شبكة متعددة المراكز تتقاسم فيها الادوار بين التصميم والتجميع والتوريد والابتكار هذا التحول يعكس عالما لم يعد يثق في المركز الواحد ولا في الاعتماد المطلق الهند تسعى لاقتناص الفرصة التاريخية لتثبيت اسمها على الخريطة الصناعية العالمية والصين تسعى للحفاظ على مكانتها عبر
تطوير نفسها لا عبر الاكتفاء بما حققته سابقا وفي هذا السباق لا يكفي ان تملك المصانع بل يجب ان تملك الاستقرار والرؤية والقدرة على التطور المستمر الشركات الكبرى لا تبحث فقط عن تكلفة اقل بل عن مستقبل اكثر امنا واستدامة وبين الهند والصين تتشكل ملامح مرحلة جديدة من التصنيع العالمي مرحلة لا تحسمها السرعة وحدها ولا الحجم وحده بل القدرة على التكيف مع عالم يتغير كل
يوم قد لا يكون السؤال من سيفوز بل من سيفهم قواعد اللعبة الجديدة قبل غيره لان من يفهمها هو من سيصنع المستقبل لا مجرد الهواتف
 

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum