منى صدقى تكتب : حين تتحول دور الرعاية إلى مساحات خطر
جرائم الاغتصاب والتحرش والاعتداء على الأطفال في الحضانات والمدارس… جريمة مضاعفة وصمت أخطر
لم يعد الاعتداء الجنسي على الأطفال حوادث فردية أو استثناءات نادرة، بل خطرًا يتسلل بصمت إلى أماكن كان يُفترض أنها الأكثر أمانًا: الحضانات والمدارس. الخطر لا يكمن فقط في وقوع الجريمة، بل في ما يليها من صمت، وتكتم، ومحاولات للإنكار، وكأن حماية “السمعة” أهم من حماية الطفل.
الطفل الضحية… صوت لا يُسمع
الأطفال لا يملكون دائمًا القدرة على التعبير عما يتعرضون له. بعضهم يصمت خوفًا، وبعضهم لا يدرك أن ما يحدث جريمة أصلًا، بينما تظهر آثار الصدمة في صورة اضطرابات نفسية أو سلوكية يُساء تفسيرها داخل الأسرة أو المؤسسة التعليمية.
وهنا تكمن المأساة: الإشارات موجودة، لكن لا أحد ينصت.
التستر جريمة لا تقل خطورة
في كثير من الوقائع، تتحول الجريمة من فعل فردي إلى مسؤولية جماعية، حين تختار إدارة المؤسسة التستر، أو الاكتفاء بنقل المعتدي، أو الضغط على الأسرة لاحتواء الأمر “ودّيًا”. هذا السلوك لا يحل المشكلة، بل يصنع ضحايا جدد.
التستر لا يحمي الأطفال… بل يحمي الجناة.
ثقافة الخوف والعيب
الخوف من الوصم الاجتماعي، ومن نظرة المجتمع، يدفع بعض الأسر إلى الصمت. لكن هذا الصمت، مهما كانت دوافعه، يمنح المعتدي مساحة للاستمرار، ويكرس ثقافة الإفلات من العقاب.
العار الحقيقي ليس في كشف الجريمة، بل في السكوت عنها.
مسؤولية من؟
المسؤولية لا تقع على الأسرة وحدها، بل تمتد إلى:
إدارات الحضانات والمدارس
الجهات الرقابية والتعليمية
القوانين وآليات تنفيذها
الإعلام ودوره في كشف الحقيقة
المجتمع الذي يختار أحيانًا تجاهل الخطر
غياب الرقابة والتأهيل النفسي للعاملين، وعدم وجود آليات إبلاغ آمنة، كلها عوامل تُبقي الباب مفتوحًا أمام الانتهاكات.
ما الذي نحتاجه الآن؟
رقابة صارمة ومستمرة على المؤسسات التعليمية
آليات إبلاغ تحمي الضحية ولا تفضحها
تدريب العاملين على مبادئ حماية الطفل
برامج توعية للأطفال بلغة تناسب أعمارهم
محاسبة أي مؤسسة تتستر قبل محاسبة الجاني
الخلاصة
الاعتداء على الأطفال ليس مجرد خبر يُنشر، بل جرس إنذار لمجتمع كامل الطفل الذي لا يجد من يدافع عنه اليوم، قد يكبر وهو يحمل جرحًا لا يلتئم ، وذاكرة خذلته فيها كل الأطراف.
الصمت لم يعد حيادًا… الصمت شريك في الجريمة.

















