ميزان الحق وقوة الكلمه
حين يتأمل الانسان هذا الرمز الذي يقف امامه يرى فيه اكثر من مجرد نقوش منقوشه على لوح من معدن ثمين يرى فيه تاريخ امه يحاول ان ينهض من بين طبقات الزمن ويرى فيه معنى العداله التي تبحث عن موطئ قدم في عالم يمتلئ بالاصوات المتداخله والصراعات التي لا تهدأ الميزان المعلق في اعلى اللوحه يظهر كأنه قلب الحقيقه ذاته يتأرجح بين كفتين لا تنحازان الا للحق مهما
تغيرت القوانين ومهما اختلفت العصور لان العداله لا تموت بل تتغير طرق الوصول اليها كما تتغير الطرق التي يسلكها الانسان في حياته ومع ذلك يبقى الهدف واحدا وهو الوصول الى الحقيقه التي لا يقدر على دفنها احد وتحت هذا الميزان يمتد ذلك القلم الذي يبدو وكأنه سيف صامت يحمل قوة لا يملكها الحديد ولا يملكها الصوت العالي لان الكلمه اقوى من الصراخ واقدر على التغيير من كل سلاح عرفه
البشر القلم هنا ليس مجرد اداه للكتابه بل شاهد على تاريخ انسان يحمل في داخله حكايات اجيال مرت وتركت اثرا في كل ورقه وفي كل حبر انسكب وفي كل جمله سجلت صرخة حق او محاوله انقاذ حقي في ظلمه ظلم لا يرحم وتحت القلم يستقر الكتاب المفتوح كأنه باب لوعي لا ينتهي يجمع بين العلم والفهم والمعرفه التي تصنع الانسان الحقيقي لا الانسان العابر لان الصفحات لا
تتحرك وحدها بل تحتاج لمن يقرأها ويفهمها ويجعل منها نورا يضيء به طريقه المزدحم بالاسئله والصراعات التي لا تنتهي الانسان حين ينظر الى هذا الرمز يدرك ان الحق لا يقوم بالقوه وحدها ولا يقوم بالكلمه وحدها ولا يقوم بالعلم وحده بل يقوم حين تجتمع هذه الثلاثه في قلب واحد وعقل واحد وضمير واحد لان العداله ليست ميزانا من معدن وانما ميزانا في داخل الانسان
نفسه هو الذي يرفع الظلم وهو الذي يزرعه وهو الذي يقيم الحق وهو الذي يضيعه وهو وحده القادر على ان يجعل من الحياه مكانا يستحق ان يعيش فيه البشر الانسان يسير في هذه الرحله الطويله محملا بمواقف تكشف له ان العداله ربما تتأخر لكنها لا تضيع وان الحقيقه ربما تُخفى لكنها لا تموت وان الكلمه ربما تحارب لكنها لا تكسر لانها ليست حبرا على ورق بل روحا تسكن في ضمير كل من
يؤمن بان الحق واجب وبان الانصاف رساله وبان الانسان بلا عداله يفقد نصف قيمته وبلا علم يفقد نصف قوته وبلا قلم يفقد صوته في عالم لا يسمع الا من يملك القدرة على قول الحقيقه هذا الرمز الذهبي ليس مجرد شكل جمالي بل هو شهادة مكتوبه بلغه الصمت تقول ان الامم التي ترفع ميزان العدل فوق كل شيء لا تسقط مهما اشتدت العواصف وان الشعوب التي تحافظ على قوة الكلمه لا تهزم
مهما حاولت الظلمات ان تطفئ نورها وان الانسان الذي يتمسك بالعلم لا يخسر مهما تاهت الطرق امامه لان كل معرفه هي نجمه تهديه وكل كلمه حق هي سلاح يحميه وكل عداله يقيمها هي حجر يبني به غده ومستقبل من يأتي بعده وبذلك يصبح ميزان الحق وقوة الكلمه ليس مجرد رمز بل حياة كامله تقول ان الانسان يولد ليكتب ويعدل ويتعلم ويترك اثرا لا يمحوه الزمن ولا تغسله الرياح
ولا تخفيه العصور لانه اثر صادق من قلب يؤمن بالحقيقه ويعيش من اجلها



















