18:10 | 23 يوليو 2019

محمد غزال: الانتخابات النيابية فقدت معناها الحقيقي … وإستعادة الثقة تبدأ بمشاركة الناس

3:00pm 14/12/25
صورة أرشيفية
عبد الحى عطوان

قال المفكر السياسي محمد غزال، رئيس ائتلاف الجبهة الوطنية الديمقراطية، إن جولاته الممتدة على مدار الأشهر الثلاثة الماضية بشأن دائرة بولاق الدكرور، بالتزامن مع الإستعدادات الجارية لإنتخابات مجلس النواب 2025، كشفت عن أزمة عميقة تضرب جوهر العملية الانتخابية في مصر، تتمثل في تراجع المشاركة الشعبية وفقدان الثقة في الانتخابات كأداة للتغيير الحقيقي.

وأوضح محمد غزال في تصريح لـه، أنه رغم كونه كاتبًا ومحللًا سياسيًا، حرص على الإنخراط المباشر في الواقع الإنتخابي دعمًا لمرشحة مستقلة، إيمانًا بأن الإحتكاك المباشر بالناس يظل المقياس الأدق لفهم المزاج العام. وأكد أن ما لمسه على الأرض يعكس تحوّل الإنتخابات، خلال ما يقرب من خمسةٍ وعشرين عامًا من الإحتكاك بالعملية الإنتخابية، من شأنٍ عام يخص المجتمع بأكمله إلى شأنٍ خاص تديره دوائر محدودة من المصالح، في ظل عزوفٍ واسع للأغلبية الصامتة عن المشاركة.

وأضاف "غزال"  أن المواطن بات معزولًا عن المشهد الانتخابي، إذ يرى أن مجلس النواب لم يحقق تأثيرًا ملموسًا في دوراته السابقة، وأن نواب الدوائر إختفوا عقب الإنتخابات، ما عزز شعوره بأن صوته بلا قيمة، رغم وجود بوادر إصلاح عقب توجيهات رئيس الجمهورية وإستجابة عدد من الجهات المعنية.

وأشار إلى أن هذا العزوف هو نتاج تراكمات طويلة من الإحباط، في مقدمتها ترسيخ فكرة أن النتائج محسومة سلفًا، وغياب البرامج الجادة لدى عدد من المرشحين، والإعتماد على المال السياسي وشراء الأصوات، فضلًا عن ممارسات إنتخابية سابقة عمّقت شعور الخذلان لدى المواطنين، ولا تزال آثارها قائمة في بعض الدوائر، ومنها دائرة بولاق الدكرور.


وكشف رئيس ائتلاف الجبهة الوطنية الديمقراطية عن وجود خمس فئات باتت تتحكم في المشهد الانتخابي على حساب الناخب الحقيقي، موضحًا أن الفئة الأولى هي «الباحثون عن المال»، الذين يلتفون حول المرشحين بدافع المنفعة المادية دون اعتبار للبرامج أو الصالح العام. تليهم فئة «الداعمين» الذين يمنحون تأييدهم على أساس العلاقات الشخصية أو الثقة المجردة، لا على أساس رؤية سياسية واضحة.

وأضاف أن الفئة الثالثة تتمثل في «مدّعي توجيه الرأي»، وهم أشخاص يزعمون امتلاك صوت الشارع وتمثيل الناس دون امتلاك قاعدة جماهيرية حقيقية، فيما تضم الفئة الرابعة «تجار الجدل الإلكتروني» الذين يستغلون منصات التواصل الاجتماعي لصناعة صراعات وهمية وهجمات مدفوعة الأجر، لتحويل السياسة إلى استعراض رقمي بعيد عن قضايا المواطنين.


وأكد  رئيس إئتلاف الجبهة الوطنية الديمقراطية محمد غزال، علي أن الأخطر في المشهد هو التآكل الحاد للفئة الخامسة، وهي «الناخب الطبيعي»، الذي شكّل عبر عقود العمود الفقري للعملية الانتخابية، وشارك بإرادته الحرة دون حشد أو مقابل. واعتبر أن غياب هذه الفئة هو السبب الرئيسي لاختلال ميزان التمثيل الشعبي، موضحًا أن الفراغ الناتج سمح لنسبة ضئيلة من الناخبين بالتحكم في النتائج، وأن جزءًا معتبرًا منهم يشارك تحت ضغط الأوضاع الاقتصادية مقابل مبالغ زهيدة، في مشهد يعكس عمق الأزمة الاجتماعية ويعيد إنتاج السياسات ذاتها.


وشدد على أن استمرار هذا النمط من المشاركة المحدودة يقوّض فرص تحسين الأداء البرلماني، ويكرّس صورة سلبية لدى المواطنين بأن البرلمان ليس أداة للتغيير، بل ساحة صراع بين مصالح ضيقة، محذرًا من أن هذه القناعة—وإن كانت مفهومة في سياق الإحباط العام—تشكل خطرًا حقيقيًا على الحياة السياسية.

وأختتم تصريحه بالتأكيد على أن إصلاح المشهد الإنتخابي مسؤولية مشتركة تبدأ من الأحزاب والقوى السياسية ولا تنتهي عند المواطن، قائلًا: 
المشاركة في الانتخابات ليست ترفًا ولا خيارًا، بل حق وواجب وشرط أساسي لاستعادة السياسة من قبضة المال والمصالح. الطريق إلى برلمان يعبر عن الناس يبدأ بنزولهم إلى الشارع واختيار من يمثلهم بوعي؛ فإرادة المواطنين حين تُستخدم قادرة على كسر أي ماكينة حشد وإعادة الأمل إلى المشهد السياسي.

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum