سر من أسرار الصلاة على حضرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
لكل بابٍ مفتاح، ولكل مفتاحٍ حركاتٌ دقيقة تُحسن فتح الأقفال، ولا يُفتح الباب إلا بها. وكذلك في عالم الأرواح، فإن للصلاة على حضرة الرسول ﷺ مفاتيح وأسرار لا تُدرك إلا بالمواظبة عليها. فكما أن السِّنام الحديدي لا يُفتح إلا برمزٍ وشِفرةٍ خاصة، فإن بعض الأبواب الروحية لا تُفتح إلا بكثرة الصلاة على النبي ﷺ.
الصلاة على النبي ﷺ هي مفتاح أبواب الرحمة، ومفتاح باب السمع الإلهي، وهي التي تفتح لك أبواب السماء، وتقرّبك من القبول الإلهي، فهي سرٌ عظيم في تسهيل الأمور، ورفع البلاء، وجلب النور إلى القلب والروح.
وقد جاء في قوله تعالى: ﴿ومن يتق الله يجعل له مخرجًا﴾، دليلٌ على أن التقوى مفتاح الفرج. وباب التقوى لا يُفتح إلا بالإيمان بالله ورسوله، وتصديق الحساب والجزاء. والصلاة على النبي ﷺ من أعظم أبواب التقوى، ومن أصدق دلائل الإيمان، فهي دليل حبٍ واتباع، وعلامةُ صدقٍ وقرب.
فأكثر من الصلاة على النبي ﷺ، فإنها مفتاح لكل خير، وبها تُفتح لك الأبواب المغلقة، وتُيسَّر لك السبل، ويطمئن بها القلب، وتتنزّل بها الرحمات.
ما مرَّ محبٌّ على ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وشمائله وصفاته وكمالاته إلا أصابه من جرائها طربٌ يستولي عليه، وخفة تغشى روحه، وأريحية تستولي عليه، فتجعله يهتز لها اهتزاز المهند، ويقول: إيه حدثني وأكثر وأفض وأطرب.
وقد ألمّ البوصيري بهذه الحالِ التي تغشى المحبين له صلى الله عليه وسلم وتحيط بهم، فقال:
أطرَبَ السامِعين ذكرُ عُلاهُ ** يا لَراحٍ مالتْ به النُّدماءُ
النَّبيُّ الأمِّيُّ أعلمُ مَن أسْـــ** ــنَدَ عنهُ الرُّواةُ والحكماءُ
حُكي أن رجلاً كان غافلاً عن الصلاة على النبي ﷺ
فرأى الرسول ﷺ في المنام ولم يلتفت إليه
فقال يارسول الله ﷺ أأنت عليَّ غضبان ، قال لا
قال فلم لا تنظر إلي ، قال لأني لا أعرفك
فقال كيف لا تعرفني وأنا رجل من أمتك ، وقد روى العلماء أنك أعرف بأمتك من الوالدة بالولد
فقال صدقوا ، ولكنك لا تذكرني بالصلاة
وإن معرفتي بأمتي بقدر صلاتهم عليّ
