18:10 | 23 يوليو 2019

ما بعد القمة العربية: إلى أين تتجه العلاقات مع إسرائيل؟

10:51am 18/09/25
صورة أرشيفية
ايمن بحر

فى أعقاب كل قمة عربية، تتجه الأنظار إلى النتائج الفعلية التي تخرج بها تلك الاجتماعات، لا سيما عندما تكون إسرائيل جزءًا من محور النقاش، كما هو الحال في السنوات الأخيرة، وخاصة بعد التصعيدات الكبرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى رأسها قطاع غزة. وبين التصريحات الحادة في البيانات الختامية، والتحركات الواقعية على الأرض، تبرز تساؤلات كبرى: هل تمثل القمم العربية منعطفًا حقيقيًا في مسار العلاقة مع إسرائيل؟ أم أن الواقع يتجاوز اللغة السياسية إلى موازين قوى ومصالح دولية وإقليمية أعمق؟
أولًا: القمم العربية… لغة واحدة، مخرجات متفاوتة
القمم العربية الأخيرة، سواء الطارئة أو العادية، أبرزت مواقف متقدمة في لهجتها تجاه إسرائيل، خاصة فيما يخص الانتهاكات المستمرة في غزة، والاستيطان في الضفة، والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى. ومع ذلك، فإن التنفيذ الفعلي على الأرض ظل محدودًا.
فبينما عبّرت دول عربية عديدة عن رفضها لسياسات التهجير والقتل الجماعي، لم تصل الإجراءات إلى مستوى العقوبات أو قطع العلاقات أو حتى تعليق اتفاقيات التطبيع. بل إن بعض الدول واصلت علاقاتها مع تل أبيب بشكل علني أو غير مباشر.
ثانيًا: واقع عربي منقسم… بين المبدأ والمصلحة
يمكن تقسيم الموقف العربي من إسرائيل بعد القمم إلى ثلاثة تيارات رئيسية:
1. تيار المقاومة والقطيعة التامة: ويشمل دولًا كـ سوريا والجزائر، التي ترفض أي شكل من أشكال العلاقة مع إسرائيل، وتدعم المقاومة الفلسطينية دون قيد أو شرط.
2. تيار الحذر والتوازن: مثل الأردن ومصر، اللتين لديهما اتفاقيات سلام قديمة مع إسرائيل، لكنهما ترفضان السياسات العدوانية الإسرائيلية، وتؤكدان في كل مناسبة على ضرورة الحل العادل للقضية الفلسطينية.
3. تيار التطبيع والانفتاح: ويضم دولًا كالإمارات والبحرين والمغرب، التي دخلت في اتفاقيات تطبيع رسمي مع إسرائيل ضمن ما يُعرف بـ"اتفاقات أبراهام"، وتواجه حاليًا ضغوطًا داخلية وخارجية مع تصاعد العدوان على غزة.
ثالثًا: بعد القمة… ماذا يحدث فعليًا؟
1. تزايد الضغط الدبلوماسي
شهدنا بالفعل تحرّكًا عربيًا أقوى نسبيًا على الساحة الدولية بعد القمم، من خلال:
تقديم ملفات للجنائية الدولية بشأن جرائم الحرب في غزة.
دعوات عربية لجلسات طارئة في مجلس الأمن.
تحركات لفرض رقابة دولية على المعابر والمساعدات الإنسانية.
2. لكن… بلا أدوات ضغط حقيقية
رغم الخطابات الصارمة، لم نشهد حتى الآن خطوات عربية حاسمة مثل:
تجميد اتفاقات التطبيع.
تقليص العلاقات الدبلوماسية أو سحب السفراء.
فرض عقوبات اقتصادية أو تجارية على إسرائيل.
هذا الضعف في الإجراءات يعود جزئيًا إلى:
الاعتماد الاقتصادي لبعض الدول على الحلفاء الغربيين الداعمين لإسرائيل.
الانقسام الداخلي في الموقف العربي.
الخوف من تداعيات أمنية واقتصادية لأي تصعيد مباشر مع إسرائيل.
رابعًا: إسرائيل… رد فعل عنيف واستخفاف بالمخرجات
الردود الإسرائيلية الرسمية على مخرجات القمم العربية عادة ما تكون هجومية أو ساخرة. ففي إحدى القمم الطارئة، وصف مسؤولون إسرائيليون البيانات بأنها مجرد بيانات جوفاء ورفضوا أي اتهام بالقتل الجماعي أو التطهير العرقى مستندين إلى حق الدفاع عن النفس.
بل إن بعض الدوائر الإسرائيلية ترى أن القمم العربية تُستخدم لتخفيف الضغط عن الحكومات العربية أمام شعوبها، دون أن تمثل خطرًا حقيقيًا على مصالح إسرائيل.
خامسًا: إلى أين يتجه المسار؟
 السيناريو المتفائل:
تشكيل لجنة عربية فاعلة لإعادة إعمار غزة.
دعم مبادرة حماية دولية للفلسطينيين تحت مظلة الأمم المتحدة.
توحيد الموقف العربي تجاه وقف إطلاق النار الدائم ورفض الاحتلال.
 السيناريو المتشائم:
استمرار الانقسامات العربية، وبقاء لغة القمم حبيسة الورق.
استمرار إسرائيل في سياساتها الاستيطانية والعدوانية دون رادع.
تفاقم الوضع الإنساني في غزة، وغياب أي مسار سياسي واضح.
خاتمة
ما بعد القمة العربية، هو امتحان حقيقي للجدية السياسية والقدرة على التأثير. فبينما تقف الشعوب العربية على حافة الغضب مما يحدث في فلسطين، لا تزال الأنظمة تتحرك في إطار حسابات معقّدة، توازن بين المبادئ القومية والضغوط الواقعية.
لكن يبقى السؤال مطروحًا بقوة: هل ستظل القمم تُصدر البيانات، أم أنها ستتحول يومًا إلى قوة فاعلة تفرض إرادتها على الواقع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، وتعيد للقضية العربية الأولى مكانتها الحقيقية؟
 

تابعنا على فيسبوك

. .
paykasa bozum