النظافة من الإيمان... أين نحن منها؟
قال رسول الله ﷺ: "الطهور شطر الإيمان"، وقال أيضًا: "إن الله جميل يحب الجمال، نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم، جواد يحب الجودة، فنظفوا أفنيتكم ولا تشبّهوا باليهود".
فكيف لنا أن نغفل عن هذه الفضيلة العظيمة؟ وكيف أصبح مشهد القمامة في الشوارع، والروائح الكريهة على نواصي الحارات، والبيوت الممتلئة بالفوضى أمرًا اعتياديًا في مجتمعاتنا؟
أولاً: النظافة العامة مسؤولية جماعية
نرى اليوم من يلقي القمامة من نافذة سيارته، أو من شرفة منزله، أو حتى وهو يمشي في الطريق بلا أدنى شعور بالذنب أو الخجل. وكأن الشوارع خلقت لتتحمّل أوساخنا!
أين ضمائرنا؟ أين أخلاقنا؟
إنها دعوة صريحة إلى كل فرد أن يستشعر مسؤولية النظافة كقيمة إيمانية وسلوك حضاري قبل أن تكون واجبًا بلديًا.
فلا يكفي أن نشتكي من تراكم القمامة إن كنا نحن من نرميها، ولا يكفي أن نطالب بتحسين المرافق العامة ونحن نسيء استخدامها.
ثانيًا: نظافة المنازل.. صورة من طهارة القلوب
البيت النظيف يعكس نفسًا مرتّبة، ويعزز الراحة النفسية والصحية لكل أفراد الأسرة.
ولا يجوز أبدًا ترك سلات القمامة لعدة أيام أو الإهمال في تنظيف غرف الأطفال أو المطبخ أو الحمامات، خاصة في فصل الصيف حيث تنتشر الحشرات والأمراض.
بل على الزوجين معًا أن يتحمّلا مسؤولية الحفاظ على بيت نظيف، يشجع الأبناء على حب النظام والنظافة.
ثالثًا: التربية على النظافة.. من الطفولة تبدأ
أبناؤنا وبناتنا بحاجة إلى القدوة أولًا، ثم إلى التدريب العملي على ترتيب أسرّتهم، وتنظيف ألعابهم، وغسل أيديهم، والاعتناء بمظهرهم ونظافتهم الشخصية.
ولابد من أن نربط لهم بين النظافة والطاعة لله، وأن نوضح لهم أن تنظيف بيتهم هو عبادة وسلوك محبب يرضي الله تعالى.
مبادرة مجتمعية: "نظافتي.. دليل إيماني"
أدعو من هذا المنبر، كل أب وأم، وكل معلم ومعلمة، وكل مسؤول ومواطن، إلى إطلاق حملة توعية حقيقية بعنوان "نظافتي.. دليل إيماني"، تشمل:
خطب الجمعة والدروس الدينية.
نشاطات في المدارس والجامعات.
ملصقات إرشادية في الشوارع والمواصلات.
نشر ثقافة احترام المرافق العامة والمشاركة في نظافتها.
فلا يجوز أن نكون مسلمين بالقول فقط، ثم نفعل ما يخالف تعاليم ديننا الواضحة في هذا الشأن.
ختامًا...
النظافة ليست رفاهية، ولا هي مسؤولية الآخرين فقط، بل هي واجب شرعي، وأمانة اجتماعية، ودليل على حسن التربية.
فلنعد إلى أساس ديننا، ولنُحيِ هذه القيمة الجميلة في نفوسنا وبيوتنا وأولادنا... فالنظافة من الإيمان.
