فريد عبد الوارث يكتب: عام هجري جديد .. فهل إلى خروج من سبيل

يهل علينا عام هجري جديد نتمناه سعيداً على أمة مزقتها الخلافات و دمرتها الحروب، و قطعت صلتها بالدين الحق، و فرطت في القيام بوظائف الخلافة في الأرض، فتكالبت عليها الأمم و عرفت كيف تزرع فيها الخوف من بعضها البعض، و تكيد و تدفع الأموال للأعداء كي يحاربوا إخوانهم فتفجرت بينهم صراعات دموية، جعلت حلها في الديمقراطية و حقوق الإنسان، حتى إذا ما تمكنت المفاهيم من الناس، و سيسوا بها فضاءاتهم الدينية و الاجتماعية و الثقافية و التربوية، أضحى بأسهم بينهم شديدا، فظهرت الثورات و الاحتجاجات التي خربت دولا بكاملها، و حولتها لأكوام من رماد.
و إذا آمنا أن الدين هو الموحد لهذه الأمة و أملها حين تتوحد ، فإننا نرى عمل دول الاستعمار القديم على إذكاء النزاعات الطائفية و الخلافات المذهبية، و تشجيع الجماعات الصغيرة ( المضطهدة) لتمارس العمل نفسه في تقطيع أوصال المسلمين، و قد تحقق لهم ذلك بعد أن وسم الدين بالإرهاب و المسلمين بالتكفيريين ، و أصبح العداء بين أتباع الدين الواحد صريحا غير مضمر، و كل جماعة ترى أنها صاحبة الحق المطلق!
فتداعت علينا الأمم و أصبح الدم المسلم رخيصا مستباحا و الحمى تجوس خلاله دبابات الغرب و و طائراتهم، حتى أمست السموات العربية و الإسلامية منتهكة بأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا العالمية! فأصبحنا طرائق قددا و جماعات شتى و سنه و شيعه ولكل منا رايته التي يقتل تحتها باسم الدين.
وألبسنا رداءه الجديد و اصبحنا عالة على الأمم نستجدي الغذاء و الكساء و السلاح لندافع عن أنفسنا و خيرات بلادنا الغنية بمواردها المنهوبة و عقول شبابنا المهاجرة المسلوبة الهوية لمصانع بلادهم و ابتكاراتهم، كما سلبوا اختراعات الاجداد.
تشكيك ممنهج أصاب المسلمين حتى باتوا يمرقون من دينهم إلى التشكيك في المضامين الإسلامية التي ترسم للأمة خطى حياتها، فتوالت عليهم قطع الليل المظلم فأصبح الرجل مؤمنا وأمسى كافراً و أمسى مؤمناً و أصبح كافراً !!
فراغ إيماني قاتل للممارسة التعبدية، تحول بفعلها فكر الفرد عن إدراك الحقيقة إلى التعبد للذات و التعلق بها فأصبح عبدا لها بما أودعه في قلبه من أشياء جلبت له المضرة التي عبر عنها الحديث بالفتن ، فأدخلته في تحول مستمر بين الإيمان والكفر! فلما نجح الأعداء في مرادهم تحولنا عن الدين و أخذتتنا قوى الشر و الظلام لطريق الهلاك.
يخربون بيوتهم بأيديهم و يدمرون أوطانهم بجهلهم و يشترون الأمان بالأوهام و يبيعون تراب بلادهم بالشعارات، أمة ضلت الطريق فتقاذفتها الأمواج و غاصت في بحور الهلاك، فعمت الدماء ربوع البلاد الإسلامية من مشرقها إلى مغربها، من سنتها إلى شيعتها، فلا يكاد المرء يصدق ما تراه عيناه !!
فما أصدق الشاعر حين يصف حالنا فيقول:
ذي أمتي حل الهوان بأرضها
وغدت عبيداً تشترى الأسياد
يا أمة الإسلام جرحك غائرٌ
ما عاد يشفي بلسمٌ و ضماد
يا أمة الإسلام خطبك فاجعٌ
يبكي له ذو منطق و جماد
يا أمة الإسلام أرضك أصبحت
قفراً فلا برق و لا إرعاد
يا أمة الإسلام هاك رثاءنا
نبكي دماً فليشمت الحساد