18:10 | 23 يوليو 2019

اغتيال العقول العراقية: جريمة أمريكية–إيرانية بشهادات التاريخ

11:52am 22/06/25
صورة أرشيفية
أحمد عزيز الدين أحمد

 في ربيع عام 2003، حين انطلقت الدبابات الأمريكية تعبر جسور بغداد وتحرق بقايا الدولة العراقية، كان هناك مخطط آخر يُنفَّذ بصمتٍ في الأحياء السكنية وقاعات الجامعات: إنهاء كل عقل عراقي يُمكن أن يُعيد بناء هذا البلد. لم يكن النفط وحده هدفًا، بل العقول التي أرهقت الغرب عقودًا، وحافظت على عراقٍ قادرٍ على النهوض رغم الحصار والحروب.
القوائم السوداء: من تل أبيب إلى بغداد
قبل الاحتلال بشهور، سلّمت المخابرات الإسرائيلية (الموساد) لنظيرتها الأمريكية (CIA) قوائم تفصيلية بأسماء العلماء العراقيين الذين خدموا في مشاريع التسليح النووي والبيولوجي، أبرزهم من شارك في مشروع مفاعل أوزيراك الذي دمرته إسرائيل في يونيو 1981. بعد ذلك أعاد النظام العراقي تأهيل هؤلاء العلماء ووزّعهم على الجامعات ومراكز الأبحاث ليستمروا في تطوير برامج الفيزياء النووية والهندسة الكيميائية.
اعتقالات... ثم اغتيالات
مع اجتياح بغداد، وُزعت القوائم على وحدات المارينز في الخليج، وجاءت الأوامر صريحة:
اعتقال العلماء قسرًا.
نقلهم إلى مراكز استجواب سرية.
تصفيتهم إذا أبدوا رفضًا أو مقاومة.
كانت البداية من الدكتورة هدى صالح مهدي عماش، الحاصلة على دكتوراه من جامعة تكساس، رئيسة قسم الأحياء الدقيقة بجامعة بغداد، والتي لقّبها الإعلام الأمريكي بـ«أم الجمرة الخبيثة». اعتُقلت في 9 مايو 2003، تلتها العالمة رحاب طه المتخصصة في تطوير برامج الحرب الجرثومية. وفي الخفاء، نُقل أكثر من 70 عالمًا إلى منشآت بحثية في فلوريدا، فيما جرت تصفية المئات بعمليات ميدانية صامتة.
شريك في الظل: إيران والمليشيات الطائفية
بينما كان الجيش الأمريكي يفرض الحصار، دخلت إيران على الخط كحليفٍ غير معلن، لتشارك في اقتسام «غنيمة العقول». تحت حماية الاحتلال الأمريكي، أطلقت إيران أذرعها المسلحة — فيلق بدر، جيش المهدي، عصائب أهل الحق — لتصفية العلماء وأساتذة الجامعات، خاصة من الطائفة السنية، أو من الرافضين للنفوذ الإيراني.
قُتل العشرات بأبشع الأساليب:
د. محمد المشهداني – العالم النووي البارز.
د. ليث مصطفى التكريتي.
د. زياد الراوي.
د. وليد السامرائي.
د. نجلاء القيسي.
اغتيلوا في بيوتهم، أو بعد اختطافهم من قبل قوات أمريكية وتسليمهم لمليشيات محلية بحجة «عدم جدوى تعاونهم».
لماذا كان قتل العقول أولوية؟
أرادت واشنطن:
ضمان ألا يعود العراق لتطوير قدراته الاستراتيجية.
تحطيم منظومته العلمية التي يصعب بناؤها من جديد.
بينما هدفت طهران إلى:
إفراغ الجامعات من النخب المستقلة.
ملء المناصب الأكاديمية بأشخاص موالين لمشروعها الإقليمي.
فرض هيمنة فكرية وطائفية.
وهكذا تواطأ العدو والجار، لدفن كتب العلماء ومشاريعهم تحت ركام الخراب، وبقي العراق بلا حائط صدٍ معرفيّ، منهكًا يحكمه رصاص المليشيات وشبح الاحتلال.
خاتمة
قالت مادلين أولبرايت — وإن كانت العبارة منسوبة بلا توثيق رسمي: «لا قنبلة ذرية تستطيع أن تدمّر العقول العراقية، لذلك علينا تدميرها بطرق أخرى». ربما لم تقلها حرفيًا، لكن أفعالهم نطقت بها على أرض بغداد: من دمر البشر أولى أن يدمر العقول.
✍️ بقلم: الأديب أحمد عزيز الدين أحمد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ،، 
المصادر:
تقارير منظمة اليونسكو (2003–2008) عن التعليم والاغتيالات الأكاديمية في العراق.
تقارير هيومان رايتس ووتش وهيومان رايتس فيرست حول جرائم المليشيات والانتهاكات الطائفية.
أرشيف الصحافة العالمية: BBC – The Guardian – The New York Times.
شهادات موثّقة في دراسات منشورة بمراكز أبحاث غربية عن «هجرة الأدمغة» العراقية بعد الاحتلال.
تقارير وزارة التعليم العالي وحقوق الإنسان العراقية (2004–2008).
✏ للاستخدام الصحفي والبحثي — كل الحقوق محفوظة للأديب أحمد عزيز الدين أحمد.
 

تابعنا على فيسبوك

. .
izmit escort batum escort
bodrum escort
paykasa bozum
gazianteplie.com izmir escort
18 film izle erotik film izle
deutsch porn