18:10 | 23 يوليو 2019

عيد العمال: من جذور النضال إلى ثمار التنمية والازدهار.. وقيم راسخة في ديننا

2:05pm 01/05/25
صوره ارشيفيه
نور سلامه

في كل عام، ومع إطلالة الأول من مايو، تتوقف عجلة الروتين اليومي قليلًا لتستذكر الأمم قيمة العمل والعامل، وتحتفي بجهود أولئك الذين يسهرون ويبذلون طاقتهم لبناء الحاضر وصناعة المستقبل. عيد العمال ليس مجرد مناسبة سنوية عابرة، بل هو محطة تاريخية عميقة الجذور، ذات تأثيرات واسعة النطاق، وثمار تعود بالنفع على الفرد والمجتمع على حد سواء. وكما يقول المثل الشعبي: "العمل هو مفتاح كل الأفراح".

تعود جذور هذا اليوم إلى أواخر القرن التاسع عشر في الولايات المتحدة، حيث تصاعدت حدة المطالبات بتحسين ظروف العمل وتحديد ساعات الدوام. كانت مظاهرات هايماركت عام 1886 في شيكاغو نقطة مفصلية في هذه الحركة، حيث طالب العمال بيوم عمل لا يتجاوز ثماني ساعات. وعلى الرغم من الأحداث المؤسفة التي رافقت تلك المظاهرات، إلا أنها أيقظت الضمير العالمي لأهمية حقوق العمال. وكما أكد توماس إديسون: "لا شيء يأتي بالصدفة، كل شيء يأتي بالعمل".

تأثرت الحركات العمالية حول العالم بهذه الأحداث، وفي عام 1889، أقر المؤتمر الدولي الثاني للاشتراكية في باريس يوم الأول من مايو يومًا عالميًا للاحتفال بإنجازات العمال وتخليد نضالاتهم. ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا اليوم رمزًا للتضامن العمالي والمطالبة بالحقوق المشروعة في بيئة عمل عادلة وآمنة. وكما قيل بحكمة: "قيمة الإنسان تقاس بما يقدمه من عمل".

لقد كان لعيد العمال وتلك النضالات التاريخية تأثيرًا عميقًا على شكل عالمنا اليوم. فبفضل تلك الجهود، تم تحقيق العديد من المكتسبات العمالية الهامة، مثل قوانين تحديد ساعات العمل، والحق في التنظيم النقابي وتشكيل الاتحادات العمالية للدفاع عن مصالحهم، وتحسين معايير السلامة والصحة المهنية، وضمان الحق في الحصول على أجور عادلة وظروف عمل إنسانية. هذه المكتسبات لم تقتصر على الدول الصناعية الكبرى فحسب، بل امتد تأثيرها ليشمل معظم دول العالم، بما فيها مصر التي تحتفل بهذا اليوم تقديرًا لجهود أبنائها العاملين. وفي هذا السياق، نتذكر أن "العرق هو جوهر الإنجاز".

إن قيمة العمل وأهميته متجذرة في ديننا الإسلامي الحنيف، حيث يحثنا الله تعالى في كتابه الكريم قائلًا: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 105]، في إشارة واضحة إلى أهمية العمل والإخلاص فيه. كما يذكرنا سبحانه وتعالى بتسخير الأرض لنا ودعوتنا للسعي فيها لكسب الرزق: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ} [الملك: 15].

وفي السنة النبوية الشريفة، يؤكد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم على فضل العمل اليدوي وكسب الرزق الحلال بقوله: "ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده". كما يحث على العمل والاكتفاء الذاتي بقوله: "لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يسأل أحدًا فيعطيه أو يمنعه". ويشدد على ضرورة الإتقان في كل عمل نقوم به، حيث قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه".

تتجاوز فوائد الاحتفاء بعيد العمال مجرد التعبير عن الشكر والتقدير. إنه يمثل فرصة سنوية لتذكير المجتمعات بأهمية العنصر البشري في عملية التنمية الشاملة. عندما يشعر العامل بالتقدير والاحترام، وتهيأ له بيئة عمل محفزة وآمنة، يزداد إنتاجه وولائه لمؤسسته ووطنه. وهذا ما نؤكد عليه في عيد العمال، الذي هو بحق "تذكير بأن قوتنا تكمن في أيدينا العاملة". فلنهنئ كل "قلب يبني، وكل يد تخلق"، فهم بحق "النبض الحقيقي لكل أمة"، و "شكرًا لكل يد تساهم في بناء مستقبل أفضل"، فـ "عيدكم هو عيد كل من يزرع ويحصد، ويبني ويرفع".

في مصر، يمثل عيد العمال مناسبة لتأكيد الدولة على دعمها لحقوق العمال والسعي المستمر لتحسين ظروفهم المعيشية والمهنية. إنه يوم لتسليط الضوء على مساهماتهم القيمة في مختلف القطاعات، وتقدير دورهم الأساسي في تحقيق رؤية التنمية المستدامة،ويمثل الاول من مايو عيدا رسميا تحتفل به الدولة المصرية وتمنح جميع العمال اجازه رسميه. 

 لذلك عيد العمال ليس مجرد ذكرى تاريخية، بل هو وقفة سنوية للتأمل في مسيرة الحركة العمالية، والتأكيد على أهمية الاستمرار في دعم حقوق العمال وتوفير البيئة المناسبة لازدهارهم، فهم بحق بناة الأمم وصناع الحضارات، وتقديرهم هو استثمار في مستقبل أفضل للجميع.

تابعنا على فيسبوك

. .
izmit escort batum escort
bodrum escort
paykasa bozum
gazianteplie.com izmir escort
18 film izle erotik film izle
deutsch porn